المحاضرة الثانية: خدمة الناس وكفّ الأذى

الهدف:
أن يتعرّف الناس على أهميّة خدمة بعضهم بعضاً ويتجنّبوا توجيه الأذى للآخرين.

تصدير الموضوع:

عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "قال الله عزَّ وجلّ‏َ: الخلق عيالي، فأحبّهم إليّ ألطفهم بهم، وأسعاهم في حوائجهم"1.


143


المقدّمة:
من النعم الإلهيّة الكبرى أن يوفّق الإنسان للقيام بخدمة أو معروف تجاه إخوانه، لأنّه لو اطّلع على ما أعدّه الله تعالى له من عطاء أبديّ لا ينفد لأدرك أنّ الأمر بالعكس، بمعنى أنّ المحتاج والمخدوم هو الذي يسدي خدمة للخادم والباذل لأنّه السبب في حصوله على هذه الهبة الربّانيّة والحيويّة الفريدة. وعليه ليس من الصواب والعقل أن تُتاح فرصة لأحدنا كي يقوم بتقديم مساعدة للآخرين وقضاء حوائجهم فيفوّت تلك الفرصة عليه.

محاور الموضوع
1- أهميّة خدمة الناس:

• خدمة الناس هي خدمة لله سبحانه وتعالى: عن الإمام الصادق عليه السلام: "من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم الله تعالى عمره"2.
• خدمة الناس أفضل الأعمال: عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "احرصوا على قضاء حوائج المؤمنين وإدخال السّرور عليهم ودفع المكروه عنهم فإنّه ليس من الأعمال عند الله عزَّ وجلّ بعد الإيمان أفضل من إدخال السّرور على المؤمنِين"3.


144


• خادم الناس محبوب من الله تعالى: وفي حديث آخر: "قال الله عزَّ وجلَّ: الخلق عيالي، فأحبّهم إليّ ألطفهم بهم، وأسعاهم في حوائجهم"4.
• أنّه عمل أحبّه الأئمّة عليهم السلام: الإمام الباقر عليه السلام عن مدى حبّه وتفضيله لخدمة المحرومين حيث يقول: "...ولأن أعول أهل بيت من المسلمين. أسدّ جوعتهم وأكسو عورتهم، فأكفّ وجوههم عن الناس أحبّ إليّ من أن أحجّ حجّة وحجّة ومثلها ومثلها حتّى بلغ عشراً ومثلها ومثلها حتّى بلغ السبعين"5.

2- ثمرات خدمة الناس:

الأمن يوم القيامة: روي عن مولانا الكاظم عليه السلام أنّه قال: "إنّ للَّه عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة"6.
ألف ألف حسنة: عن الباقر عليه السلام: "من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه الله كتب الله له ألف ألف حسنة"7.
ثواب عبادة تسعة آلاف سنة: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال:


145


"من سعى في حاجة أخيه المؤمن فكأنّما عبد الله تسعة آلاف سنة، صائماً نهاره قائماً ليله"8.

• كان الله في حاجته: عن الإمام الصادق عليه السلام: "من كان في حاجة أخيه المؤمن المسلم كان الله في حاجته ما كان في حاجة أخيه"9.
• استغفار الملائكة له: في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن، فيوكّل الله عزَّ وجلّ‏ به ملكين: واحداً عن يمينه وآخر عن شماله، يستغفران له ربّه ويدعوان بقضاء حاجته"10.

3- آثار الامتناع عن خدمة الناس:

• خذلان الله في الدنيا والآخرة: عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلّا خذله الله في الدنيا والآخرة"11.
• لا يذوق طعام الجنّة: وعنه عليه السلام في حديث آخر قال: "أيّما مؤمن حبس مؤمناً عن ماله وهو محتاج إليه لم يذق والله من طعام الجنّة ولا يشرب من الرحيق المختوم"12.


146


• الابتلاء بمعونة تجرّ إثماً: عن الإمام الباقر عليه السلام: "من بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام له في حاجته إلّا ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر"13.
• عدم قبول الأعمال: في الحديث عن الإمام الكاظم عليه السلام قال: "إنّ خواتم أعمالكم قضاء حوائج إخوانكم والإحسان إليهم ما قدرتم وإلّا لم يقبل منكم عمل"14.
• يحشر مغلولاً يوم القيامة: رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "من سأله أخوه المؤمن حاجة من ضرّ فمنعه من سعة وهو يقدر عليها من عنده أو من عند غيره، حشره الله يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه حتّى يفرغ الله من حساب الخلق"15.

4- الآثار السلبيّة لأذيّة الناس:

الأذى من صفات المشركين:
﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ16.
• أذيّة المؤمن هي أذيّة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وعن أبي عبد الله عليه السلام


147


أنّه قال: "من أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد وصل ذلك إلى الله عزَّ وجلّ ، وكذلك من أدخل عليه كرباً"17.

• وقوفه مقام الذلّ يوم القيامة: وعن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: "من روى على مؤمن رواية يريد بها عيبه، وهدم مروّته، أقامه الله عزَّ وجلّ مقام الذلّ يوم القيامة حتّى يخرج ممّا قال"18.

• سلب صفة الإيمان: عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "المؤمن من آمن جاره بوائقه، قلت: وما بوائقه؟ قال: ظلمه وغشمه"19.
• أذيّة المؤمن محاربة الله: عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "قال الله عزَّ وجلّ: ليأذن بحرب منّي من آذى عبدي المؤمن وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن..."20.

• عاقبة السوء: قال أبو عبد الله عليه السلام: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الصدود لأوليائي فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم، فيقال: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم وعاندوهم وعنّفوهم في دينهم، ثمّ يؤمر بهم إلى جهنّم"21.


148


5- من أنواع الأذى:
الأذى بعد الإنفاق وتقديم العون والمساعدة: قال تعالى:
﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ22.

إذاعة الفاحشة: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من أذاع فاحشة كان كمبتدئها، ومن عيّر مؤمناً بشيء لم يمت حتّى يركبه"23.

توجيه الاتهامات الباطلة: وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ما من مؤمنَيْن إلّا وبينهما حجاب، فإن قال له: لست لي بوليّ فقد كفر، فإن اتهمه فقد انماث الإيمان في قلبه، كما ينماث الملح في الماء"24.

التعامل باللسان البذيء: وعن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: "لو قال الرجل لأخيه أفٍّ لك انقطع ما بينهما، فإذا قال له: أنت عدوّي فقد كفر أحدهما، فإن اتهمه انماث الإيمان في قلبه، كما ينماث الملح في الماء"25.


149


الخذلان: وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته، إلّا خذله الله عزَّ وجلّ في الدنيا والآخرة"26.
إهانة المؤمن: عن المعلى بن خنيس قال: سمعته يقول: "إنّ الله عزَّ وجلّ يقول: من أهان لي وليّاً فقد ارصد لمحاربتي، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي".

إذاعة سرّ المؤمن: عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ قال: "نعم"، قلت: أعني سفليه؟ فقال: "ليس حيث تذهب، إنّما هو إذاعة سرّه"27.

إخافة المؤمن: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عزَّ وجلّ يوم لا ظلّ إلّا ظلّه"28.
ترويع المؤمن: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من روّع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه فلم يصبه فهو في النّار ومن روّع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون في النّار"29.


150


6- قصّة وعبرة:
عن أبي جعفر عليه السلام قال: "جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فشكا إليه أذى من جاره. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اصبر, ثمّ أتاه ثانية فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: اصبر، ثمّ عاد إليه فشكاه ثالثة, فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للرجل الذي شكا: إذا كان عند رواح الناس إلى الجمعة فأخرج متاعك إلى الطريق حتّى يراه من يروح إلى الجمعة فإذا سألوك فأخبرهم قال: ففعل، فأتاه جاره المؤذي له فقال له: ردّ متاعك فلك الله عليّ أن لا أعود"30.


151


هوامش

1-أصول الكافي ج ‏2 ص ‏199.
2- غوالي اللآلي، ج ‏1 ص ‏374.
3-بحار الأنوار، ج 71 ص 313.
4- أصول الكافي ج ‏2 ص ‏199.
5- أصول الكافي ج ‏2 ص ‏195.
6- بحار الأنوار ج ‏74 ص ‏319.
7- أصول الكافي ج‏ 2 ص‏ 197.
8- بحار الأنوار ج ‏74 ص‏ 315.
9- وسائل ‏الشيعة ج 16 ص 367.
10- أصول الكافي ج‏ 2 ص ‏195.
11- بحار الأنوار ج ‏74 ص ‏312.
12- وسائل ‏الشيعة ج 16 ص 38.
13- أصول الكافي ج ‏2 ص‏ 366.
14- بحار الأنوار ج ‏75 ص ‏379.
15- بحار الأنوار ج‏ 74 ص ‏287.
16- سورة آل عمران الآية 186.
17- أصول الكافي ج 2 ص 192.
18- مستدرك الوسائل ج 9 ص 133.
19- أصول الكافي ج 2 ص 668.
20- أصول الكافي ج 2 ص 350.
21- أصول الكافي ج 2 ص 351.
22- سورة البقرة الآية 162- 163.
23- المحاسن ج 1 ص 103.
24- كتاب المؤمن ص 67.
25- كتاب المؤمن ص 67.
26- أمالي الشيخ الصدوق ص 574.
27- وسائل الشيعة ج 2 ص 37.
28- أصول الكافي ج 2 ص 368.
29- أصول الكافي ج 2 ص 368.
30- أصول الكافي ج 2 ص 668.