v الثبات وحسن العاقبة

- وتتلازم مسألة الثبات مع مسألة حسن العاقبة، فالإنسان إنّما يطلب من الله أن يرزقه الثبات على الهدى حتّى وفاته فيختم له بحسن العاقبة.

فممّا ورد في دعاء أبي حمزة الثمّالي:"وأعنّي على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم, واختم عملي بأحسنه, واجعل ثوابي منه الجنّة برحمتك.

ولا يخفى أنّ من آثار سوء العاقبة حبط الأعمال كما ورد في القرآن الكريم: ﴿وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة﴾ ⁹.


v من شواهد التاريخ الذين لم يوّفقوا للثبات

1- عمر بن سعد: الذي كان من موالياً لأمير المؤمنين عليه السلام ، لكن إغراءه بولاية الريّ جعله يعدل إلى ولاية الجائر عبيد الله بن زياد، ويترأس جيشاً أقدم على قتل سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

2- شبث بن ربعي: الذي أدرك الإسلام على يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان من أصحاب الإمام عليّ عليه السلام والإمام الحسن عليه السلام ، وقد أغُري بقيادة عسكريّة جعلته قائداً في جيش عمر بن سعد في حربه على الحسين عليه السلام.

v ومن شواهد التاريخ على الثبات

1- ثبات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذ نجده يجيب قريش التي أرسلت له مع عمّه أبي طالب تعرض عليه مالاً وجاهاً ونساءً مقابل تركه الدعوة, قائلاً: والله يا عمّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتّى يظهره الله أو أهلك دونه ¹⁰.

عن الإمام عليّ عليه السلام: لا يترك الناس شيئاً من دينهم لإصلاح دنياهم إلّا فتح الله عليهم ما هو أضرّ منه ¹¹.


2- ثبات أصحاب الحسين عليه السلام: رغم قلّة الصديق والناصر, وكثرة العدوّ, ويقينهم بالشهادة بقوا على موقفهم وثباتهم, فلم يتراجعوا أو يجبنوا أو يستسلموا أو يتنازلوا عن أيّ شيء.

المحاضرة الثالثة:

صلة الرحم


v الهدف

التنبيه إلى ضرورة تقوية أواصر العلاقات الرحميّة والمحافظة عليها وتجاوز أنواع الحساسيّات والنزاعات.


v تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ ¹².


v الحثّ على صلة الرحم

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أوصي الشاهد من أمّتي والغائب منهم

ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة أن يصل الرحم, وإن كان منه على مسيرة سنة, فإنّ ذلك من الدين ¹³.

عن جميل بن درّاج, قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جلّ ذكره: ﴿وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾¹⁴, قال: فقال: هي أرحام الناس، إنّ الله عزّ وجلّ أمر بصلتها وعظّمها، ألا ترى أنّه جعلها منه ¹⁵.

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إنّ الرحم معلّقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني، وهي رحم آل محمّد وهو قول الله عزّ وجلّ:﴿الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ﴾ ¹⁶.

قال أبو ذرّ رضوان الله عليه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: حافّتا الصراط يوم القيامة الرحم والأمانة، فإذا مرّ الوَصول للرحم، المؤدّي للأمانة نفذ إلى الجنّة, وإذا مرّ الخائن للأمانة، القَطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل وتكفأ به الصراط في النّار ¹⁷.



v بركات صلة الرحم

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ضمن لي واحدة ضمنت له أربعة: يصل رحمه، فيحبّه الله تعالى، ويوسّع رزقه، ويزيد في عمره،

ويدخله الجنّة التي وعده ¹⁸.

وعنه عليه السلام: صلة الرحم تزكّي الأعمال، وتنمي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسّر الحساب، وتنسىء في الأجل ¹⁹.

وعنه عليه السلام: وصلة الرحم منسأة في الأجل محبّة في الأهل ²⁰.



v أشكال صلة الرحم

عن أبي عبد الله عليه السلام: إنّ صلة الرحم والبرّ ليهوّنان الحساب، ويعصمان من الذنوب، فصلوا أرحامكم وبرّوا بإخوانكم, ولو بحسن السلام وردّ الجواب²¹.

عن الإمام الصادق عليه السلام: صل رحمك ولو بشربةٍ من ماء, وأفضل ما يوصل به الرحم كفّ الأذى ²².



v عقوبة قطيعة الرحم في الدنيا

عن أبي جعفر عليه السلام قال: في كتاب عليّ عليه السلام: ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبداً حتّى يرى وبالهنّ: البغي، وقطيعة الرحم، واليمين الكاذبة يبارز الله بها²³.

v قصّة وعبرة

عن الإمام الصادق عليه السلام: أنّ رجلاً أتى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهل بيتي أبوا إلّا توثّباً عليّ وقطيعة لي وشتيمة فأرفضهم؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم: إذاً يرفضكم الله جميعاً.

قال: فكيف أصنع؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم: تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك، فإنّك إن فعلت ذلك كان لك من الله عليهم ظهيراً²⁴.

وإنّ من أعظم الرحم حفظ رحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , ولذلك عندما برز عليّ الأكبر عليه السلام صاح الحسين بعمر بن سعد: ما لك؟ قطع الله رحمك! ولا بارك الله لك في أمرك، وسلّط عليك من يذبحك بعدي على فراشك، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثمّ رفع الحسين عليه السلام صوته وتلا: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيم﴾²⁵.