الليلة الرابعة

ضرورة التضحية

- الهدف:
بيان أن كل شيء لا ينال إلا بالمعاناة، وبذل الجهد، وكلما كان المراد عظيماً فإنه يحتاج إلى معاناة أكبر وجهد أعظم وتضحية جليلة... تصل إلى حد بذل النفس.

- تصدير الموضوع:
قال تعالى:
﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ1.

- محاور الموضوع:

أ- الحماس للعقيدة:
فإن المؤمن لا يكتفي بمجرد الالتزام بالعقيدة، بل


28


إنه يحرص على بقائها ويجاهد من أجل حفظها إلى حد بذل النفس من أجلها.

المسلمون الأوائل ومدى قوة عقيدتهم الذين تراهم رغم كونهم جديدي عهد بالإسلام قد اندفعوا بقوة للتمسك به وتحمل عناء الهجرة من أجله ثم الاستشهاد في سبيله، رجالاً ونساءً.

ب- حب الآخر:

هو العنصر الأهم بعد قوة الإيمان، فإن المؤمن حين يضحي فهو لا يضحي من أجل نفسه ما دام لن ينتفع بنتائج النصر وثماره بعد موته، فلولا أن حبه للناس قد ملأ قلبه ما كان ليضحي وهو القادر على الوصول إلى الجنة عن طريق آخر.

ج- جبروت الباطل:
فإن أصحابه خلو من كل قيمة إنسانية، وهم يستحلون كل شيء من أجل باطلهم وظلمهم، وإذا تركتهم فهم لا يتركونك، لأنهم لا يحبون السعادة لك، ويريدون الاستئثار بكل خير أنت فيه.


29


- قال تعالى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ2.

- وقال تعالى:
﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ3.

د ـ لا مفر من المواجهة:
لأن المؤمن نقيض الفاجر والدال على سقوطه، ولأنه لن يدعك تنعم بالراحة، ولأنه لن يهدأ له بال حتى يزيحك أو يذلك، ولأنك صاحب حق ولك مشروع، فلن تستسلم ولن تذل، وستواجه وتضحي... مهما كان الثمن.

- قال تعالى:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ4.

هـ- الشهداء هم القادة:
فقد قدموا أغلى ما يملكون، وضحوا بأنفس ما


30


عندهم، حباً بالله تعالى وعباده، ورغبة بإزهاق الباطل وأهله، وانتصاراً للعدالة والكرامة.

- قال الشاعر:

جادوا بأنفسهم عن نفس سيدهم    والجود بالنفس أقصى غاية الجود

و- الشهداء طلاب المدرسة الحسينية

لقد تربى هؤلاء الشهداء في أحضان هذه المجالس العاشورائية فتعلموا منها دروس الإباء والعزة والفداء واليقين والثبات فكانوا كما أصحاب الحسين عليه السلام، رهبان الليل و ليوث النهار، يتسابقون إلى بذل المهج والأرواح في سبيل حفظ الدبن والقيم والأرض والعرض وكانت كلمات الحسين عليه السلام في كربلاء شعارهم ونبراسهم:

- لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل و لا اقر لكم إقرار العبيد.

- الموت أولى من ركوب العار.

- إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة


31


و الذلة و هيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك و رسوله و المؤمنون

ز- من تضحيات الشهداء نستلهم العزم
واليوم و نحن نقف أمام تحديات الاستكبار الأمريكي وأعوانه في العالم و أمام طغيان ربيبته اسرائيل نستلهم من دروس المدرسة الكربلائية ومن ملاحم المقاومة الاسلامية في حرب تموز وغيرها من المواجهات البطولية الخالدة دروس العزة و الاباء و الاستعداد الدائم للمواجهة والتضحية والبذل لتكون كلمة الله هي العليا و كلمة الذي كفروا هي السفلى ولتعود الحقوق المغتصبة الى اصحابها الشرعيين وفي اسماعنا يتردد نداء الحين من كربلاء:

- " ألا ترون الى الحق لا يعمل به و الى الباطل لا يتناهى عنه، فليرغب المؤمن بلقاء الله فاني لا ارى الموت الا سعادة و الحياة مع الظالمين الا برما"


32


هوامش

1- آل عمران،140.
2- البقرة،205.
3- القصص،4.
4- البقرة،216.