الليلة الثالثة

الثورة المشروعة

- الهدف:
بيان شرعية مواجهة الظلم بالقوة حين تفشل سائر الوسائل، وبخاصة الموعظة.

- تصدير الموضوع:
قال الإمام الحسين عليه السلام من خطبة له وهو في طريقه إلى كربلاء: "أيها الناس إن رسول الله قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرام الله، ناكثاً عهده، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله"1.


22


- محاور الموضوع:
أ- مهمة الحاكم:

وهي إقامة صرح العدل، وإشاعة الأمن، وحفظ العقيدة، فإذا لم يقدر على ذلك، أو تعمد الإخلال بواحدة منها، وجب تغييره.

- عن الإمام الرضا عليه السلام قال: "إن الإمامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين"2.

ب- الموعظة أولاً:
فإن النصيحة أوجب ما تكون للحاكم، وبها يحرص أهل الصلاح على صيانة المجتمع والنفوس من القتل والفوضى، فإن أصفى المفسد لها كان خيراً، وإلا فقد باء بإثمه وجاز التمرد عليه.

- عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "تألَّفوا الناس وتأنّوهم، ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما على الأرض من أهل


23


بيت مدر ولا دبر إلا تأتوني بهم مسلمين أحب إليَّ من أن تأتوني بنسائهم وأولادهم وتقتلوا رجالهم"3.

- وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه"4.

ج- التدرج في المواجهة:
وهو واجب لأن القيادة المؤمنة تريد إقامة العدل، وليس الانتقام والثأر، فهي تشتد وتنوع وسائل المواجهة بقدر الضرورة وبما يخدم الهدف، وخاصة حين تكون ظروف المواجهة معقدة واستحقاقاتها صعبة.

- عن الإمام الباقر عليه السلام: "فأنكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم، وصلوا بها جباههم، ولا تخافوا في الله لومة لائم، فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، أولئك لهم عذاب عظيم، هنالك فجاهدوهم بأبدانكم، وابغضوهم بقلوبكم، غير ظالمين ولا باغين مالاً"5.


24


د- عناصر النجاح:
قيادة حليمة مطاعة، وشعب مخلص وواثق بالقيادة ومطيع لها، وأهم شيء بعد ذلك هو التضحية والصبر، مهما طال الوقت.

- عن الإمام علي عليه السلام: "فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه، وأدى الوالي إليها حقها، عز الحق بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل..."6.

ه- طبيعة الانتصار:
وهو هنا قد لا يكون دائماً واضحاً وحاسماً، بل قد يكون الانتصار في أصل إعلان المواجهة وخوضها وكسر حرمة الظالم وتأكيد شرعية التمرد عليه.

و- الإمام الخميني قدس سره حسين هذا العصر:
لقد كانت الثورة التي قادها الإمام الخميني المقدس


25


نموذجاً رائداً في مواجهة الظلم و الظالمين على هدي جده الحسين عليه السلام، مستمداً من ثورته وتراثه الكر بلائي شعارات نهضته المباركة فأعلنها محمدية بيضاء:"الشهادة الحمراء أفضل بدرجات من الحياة السوداء" فكان صوته الهادر ترداداً لصدى نداء جده الحسين عليه السلام يوم العاشر:" اني لا أرى الموت إلا سعادة و الحياة مع الظالمين إلا برما".

ز ـ جهاد المقاومة الاسلامية حسيني:
لقد انطلقت المقاومة الاسلامية في لبنان مرتكزاً على الثورة الكربلائية و بتوجيه من حسين العصر الخميني المقدس لتجسد بكل اصرار وعزم صدق الايمان و ثبات اليقين في مواجهة الظلم و الظالمين و على رأس هؤلاء الشيطانين الاكبر و الاصغر امريكا و اسرائيل، فكانت العملية الاستشهادية الاولى اعلاناً واضحاً للعالم بأن: جهاد المقاومة الاسلامية حسيني كربلائي و بأن " كل يوم عاشوراء و كل ارض كربلاء".


26


فمضت قوافل الشهداء و المضحين من اسرى و جرحى و عوائل في طريق ذات الشوكة اقتداء بمسيرة الحسين عليه السلام سيد الأحرار و المضحين.


27


هوامش

1- بحار الأنوار، ج44، ص683.
2- ميزان الحكمة، ج1، ص511.
3- ميزان الحكمة، ج1، ص365.
4- الكافي، ج2، ص802..
5- الكافي، ج5، ص65.
6- الكافي، ج8، ص063..