الليلة الثانية

عنوان المحاضرة:

التسليم‏

الهدف:

بيان مكانة التسليم للّه تعالى وبواعثه والحث عليه والإقتداء بأهله‏

تصدير الموضوع:

قال تعالى:
﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا 1.

محاور الموضوع:

أ- معنى التسليم:

1- قال العلامة الطباطبائي:
"التسليم من العبد مطاوعته المحضة لما يريده الله سبحانه فيه ومنه من غير نظر إلى انتساب أمر إليه، فهي مقامات ثلاث من مقامات العبودية، التوكل ثم التفويض، وهو أدق من


20


التوكل، ثم التسليم وهو أدق منهما".

2- قال الإمام الخميني "قدس سره":

"التسليم عبارة عن الانقياد الباطني والاعتقاد والإيمان القلبيين بالحق تعالى، بعد سلامة النفس من العيوب وخلوّها من الملكات الخبيثة، فإذا كان القلب سالماً، فإنه يسلّم للحق، يقول بعض المحققين: إنما جعل الشك مقابل التسليم لا الجحود والإنكار... حيث إن المراد من التسليم التصديق في جميع الأشياء".

ب- مكانة التسليم من الإيمان:

عن الإمام الصادق‏"عليه السلام" لما سئل بأي شي‏ء علم المؤمن أنه مؤمن؟ قال: "بالتسليم لله والرضا بما ورد عليه من سرور وسخط".

عن الإمام الرضا "عليه السلام": "الإيمان أربعة أركان: التوكل على الله عز وجل، والرضا بقضائه، والتسليم لأمر الله، والتفويض إلى الله".


21


ج- من صفات أهل التسليم:

1- نجباء:
عن الإمام أبي جعفر "عليه السلام": "قد أفلح المؤمنون" أتدري من هم؟ قال: أنت أعلم، قال‏"عليه السلام": "قد أفلح المؤمنون المسلّمون، إن المسلّمين هم النجباء".

2- مخبتون:

عن محمد بن يحيى عن زيد الشحام عن أبي عبد الله "عليه السلام" قال: "قلت له إن عندنا رجلاً يقال له كليب، فلا يجي‏ء عنكم شي‏ء إلا قال: أنا أسلّم، فسميناه كليب تسليم، قال: فترحّم عليه، ثم قال: أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا، فقال هو والله الإخبات ثم تلا الآية الكريمة:
﴿االَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ2.


22


د- منشأ التسليم:

عن أمير المؤمنين "عليه السلام": "أوحى الله عز وجل إلى داوود "عليه السلام": يا داوود تريد وأريد ولا يكون إلا ما أريد، فإن أسلمتَ لما أريد أعطيتك ما تريد، وإن لم تسلّم لما أريد أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد".

عن الإمام الباقر "عليه السلام": "إنا لنحب أن نعافى فيمن نحبّ، فإذا جاء أمر الله سلّمنا فيما يحب".

عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا عباد الله، أنتم كالمرضى، ورب العالمين كالطبيب، وصلاح المريض فيما يعلمه الطبيب وتدبيره به، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه ألا فسلّموا لله أمره تكونوا من الفائزين".

قال الإمام الخميني المقدس: "لا بد للإنسان أن يسعى في سيره الملكوتي لأن يجد هادياً للطريق، فإذا وجد الهادي فلا بد أن يستسلم له ويتابعه في السير والسلوك ويضع قدمه مكان قدمه، ونحن حيث وجدنا النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" هادياً


23


للطريق وعرفنا أنه واصل إلى جميع المعارف فلا بد أن نتبعه في السير الملكوتي من دون (كيف) و(لِمَ)... فالمريض الذي يريد أن يطّلع على سرّ وصفة الطبيب ثم يستفيد من الدواء يكون وقت العلاج قد مضى وجرّ بنفسه إلى الهلاك".

ه- نماذج من أهل التسليم:

1- نبي الله إبراهيم "عليه السلام": "سلّم أمره لله في وضع زوجته وولده في واد غير ذي زرع وماء وبشر، وسلّم أمره لله في قصة ذبح ولده إسماعيل".

2-
تسليم إسماعيل "عليه السلام" لأبيه إبراهيم "عليه السلام"
﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ .

3- تسليم الإمام الحسين "عليه السلام" وهو القائل: "الحمد لله وما شاء الله ولا قوة إلا بالله وصلى الله على رسوله، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا


24


لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشاً جوفا وأجربة سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين".

4- عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله، والله لو فلقت رمانة بنصفين، فقلت: هذا حرام وهذا حلال، شهدت أن الذي قلت حلا حلال، وأن الذي قلت حرا حرام، قال‏"عليه السلام": "رحمك الله رحمك الله".

5- تسليم المجاهدين في المقاومة الإسلامية لله تعالى ولتوجيهات ولي أمر المسلمين..

مراجع للاستفادة:

1- الميزان في تفسير القرآن، السيد محمد حسين الطباطبائي، ج‏17
.

2- جنود العقل والجهل، الإمام الخميني "قدس سره".

3- ميزان الحكمة، ج‏4 و8.

4- أصول الكافي.

5- مقتل الحسين، للسيد المقرَّم.


25


هوامش

1- النساء:65
2- الإخبات: هو الخشوع في الظاهر والباطن والتواضع بالقلب والجوارح والطاعة في السر والعلن