المحاضرة الأولى: شبكات التواصل (النوازع والمواقع المستخدَمة)

تصدير الموضوع:
"عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: من أصغى إلى ناطقٍ فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدي عن الله فقد عَبَدَ الله، وإن كان يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان"1.

الهدف:

بيان النوازع التي تدفع الإنسان للدخول إلى شبكات التواصل الاجتماعيّ وأكثر المواقع زيارةً.


115


المقدَّمة
لا شكّ أنّ الشبكات الاجتماعية ظاهرة إعلامية واجتماعية جديدة تفرض نفسها على واقع المجتمعات والشعوب، كما لا شكّ أنّه لها العديد من الجوانب الإيجابية والسلبية، والتي تستلزم الدراسة والتمحيص، فكما يمكن للمعلومات الإيجابية أن تنتقل بسرعة وتجد لها الأثر البالغ في المتابعة والرصد، فإنّ المعلومات السلبية ستنتشر بالسرعة نفسها إن لم يكن أكثر، ويمكن أن تترك تأثيراً مجتمعيّاً بالغاً.

محاور الموضوع

هناك عدةأسباب رئيسية تجعل من الإنترنت سبباً في الإدمان أهمُّها:
1- السريّة: إنّ الإمكانيّة التي يوفّرها الإنترنت في الحصول على المعلومات، وطرح الأسئلة والتعرّف على الأشخاص دون الحاجة إلى تعريف النفس بالتفاصيل الحقيقية، توفر شعوراً لطيفاً بالسيطرة. إلى جانب ذلك، فإنّ القدرة على


116


الظهور كلّ يوم بشكل آخر حسب اختيارنا، تُعتبر تحقيقاً لحلم جامح بالنسبة إلى الكثير من الناس ممّا يقود البعض إلى إدمان الإنترنت.

2- الراحة:
الإنترنت هو وسيلة مريحة للغاية، وهو يوجَد عادة في البيت أو العمل، ولا يتطلّب الخروج من البيت، أو السفر. هذا التيسير يوفّر حضوراً عالياً وسهولة فيما يتعلّق بتحصيل المعلومات التي لم نكن لنقدر على تحصيلها بدون الإنترنت، وذلك يجعل إدمان الإنترنت أمراً سهلاً.

3- الهروب إلى عالم آخر:
مثل الكتاب الجيّد أو الفيلم المثير، فإنّ الإنترنت يوفّر الهروب من الواقع إلى واقع بديل. ومن الممكن للإنسان الذي يفتقر إلى الثقة بالنفس أن يصبح إنساناً مميَّزاً، ويجد الإنسان الانطوائي لنفسه أصدقاء، ويستطيع كلّ إنسان أن يتبنّى لنفسه هويّة مختلقة وأن يحصل من خلالها على كلّ ما ينقصه في الواقع اليوميّ والحقيقيّ ممّا يؤدِّي إلى إدمان الإنترنت.


117


4- التعبير عن أدقّ أسرارهم الشخصية ورغباتهم المدفونة: كما أنّ مستخدم تلك الخدمات يقدر أن يُخبّئ اسمه وسنّه ومهنته وشكله وردود فعله أثناء استخدامه لتلك الخدمات، وبالتالي يستغلّ بعض مستخدمي الإنترنت -خاصة الذين يحسون منهم بالوحدة وعدم الأمان في حياتهم الواقعية- تلك الميزة في التعبير عن أدقّ أسرارهم الشخصية ورغباتهم المدفونة ومشاعرهم المكبوتة ممّا يؤدّي إلى توهّم الحميمية والألفة.. ولكن حين يصطدم الشخص بمدى محدودية الاعتماد على مجتمع لا يملك وجهًا لتحقيق الحبّ والاهتمام اللذين لا يتحقّقان إلّا في الحياة الحقيقية.

المساحة الكبيرة من الحرية:
إنّ مواقع التواصل الاجتماعيّ هي تقنية من التقنيّات الحديثة في عالم التواصل بين الأفراد والجماعات والتي من خلالها يتبادل الفرد مع الآخرين المعلومة، والرأي، والفكر، والاتجاه. ولعلّ أبرز ما يميّز شبكات التواصل الاجتماعيّ المساحة الكبيرة من الحرية


118


التي يمكن أن يعبر من خلالها الفرد عن هذه الاتجاهات والأفكار والآراء بدون وجود أيّ ضوابط خارجية تمنع بشكل مناسب بعض الآثار التي من الممكن أن يسبّبها الفرد بعرضه لهذه المعتقدات الفكرية.

سهولة إيصال الفكرة:
ولأنّ الإنسان يميل بطبعه إلى الدعة والسهولة فإنّه يرى في الإنترنت سهولة وصول هذه التقنية إلى الكثير من أفراد المجتمع بطرق سهلة وبسيطة وميسّرة عبر أجهزة الحاسب الآليّ والآي باد والآي بود وغيرها، وحتى بالهاتف النقّال الذي أسهم بشكل كبير في زيادة أعداد المستخدمين. وهو ما يعتبر عنصراً وعاملاً آخر مهمّاً أثّر بشكل واضح في زيادة التبعات السلبية التي ستؤثّر بدون شكّ في العديد من الجوانب الحياتية والأسرية والمجتمعية، وساهم في نشر الإشاعة على سبيل المثال، وانتشار الأخبار الكاذبة، والمعلومات المتناقضة والمتنافية مع التعاليم الشرعية الدينية، والمعايير الأخلاقية، والتي لا يحكمها هذا الفضاء المفتوح والمتسع.


119


عدم الحدود الجغرافية: حيث يستطيع الشخص في الشرق التواصل مع الشخص في الغرب بسهولة وبساطة وسرعة، وهذا يعطي حيِّزاً للتعبير والمشاركة الفاعلة من المشاهد والقارئ وفرصة لا تتوفّر لأيٍّ كان في ميادين الحياة التي يحتكرها البعض ويستأثر بالاستفادة منها.

تنوّع الاستعمالات:
فهذه البيئة مفتوحة على كافّة العلوم والمعارف وتمكّن المرء من الدخول على عوالم لا تنتهي والتعرف على الكثير مما لا يعرفه ويعطيه ثقافة واسعة وشاملة، فمثلاً يمكن التواصل في هذه البيئة الافتراضية من أجل الأمور العلمية, الاقتصادية, الإخبارية, الترفيهية وغيرها...

التوفير والاقتصاد:
حيث نستطيع من خلال خدمات شبكات التواصل الاجتماعيّ توفير المال, والجهد والوقت، فلا أقلّ من أنها تعرض علينا إرسال رسائل نصية, ومكالمات صوتية أو مرئية وإنشاء حسابات وإقامة تجارات والإطلاع على ساحات العرض والطلب وآخر المبتكرات والاختراعات وسوى ذلك من الكثير الكثير، وكلّ ذلك بشكل مجّاني.


120


المواقع التى يستخدمها مدمنو الإنترنت
يختلف استخدام مدمني الإنترنت للمواقع، ولكن غالباً هذه هى المواقع و الطرق التى تتسبّب فى إدمان الشخص للإنترنت وتجعله يقضى الساعات بدون شعور على الإنترنت:

مواقع الدردشة:
بما فيها من مغريات للانطوائيّين وكذلك الاجتماعيين، إذ تجعلهم يتحدّثون مع أصدقائهم الوهميّين كثيراً. وأعتقد أنها أكثر المواقع التي تتسبّب فى إدمان الإنترنت.

الفيس بوك:
بما فيه من مميّزات عديدة، فبه تبدي رأيك فيما تشاء و تتناقش حول الموضوعات المختلفة كما تتحدّث إلى أصدقائك، ولا يمكن لأحد أن ينكر أنه من أهمّ أسباب إدمان الإنترنت.

المواقع الإباحية:
التي يجلس بعض مدمني الإنترنت أمامها بالساعات، وهذه المواقع الإباحية التي تدمّر أخلاق الشباب ومعنويّاتهم وقيمهم، إذ تشير بعض التقارير إلى أنّ عدد المواقع الإباحية حوالي سبعة ملايين موقع، وكلّ موقع


121


له عشرات الصفحات، وأنّ عشرة في المئة من هذه المواقع تخدمها مؤسّسات متخصّصة في توفير الصورة أو الفيديو أو توفير شبكات عالمية. وهذه الأرقام تبقى نسبية لأنها في ارتفاع مستمرّ لما توفّره من أرباح مالية طائلة.

مواقع الألعاب والأفلام:
يقضي مدمنو الإنترنت عشرات الساعات من أجل مشاهدة الأفلام و لعب الألعاب المختلفة المنتشرة على الإنترنت.

المواقع الاخبارية والثقافية:
فهي مليئة بالأخبار التي لا تنتهي, يمكن للشخص من خلالها متابعة كافّة الأخبار والمعلومات دون انتهاء, لذلك فهى تتسبّب فى إدمان الإنترنت.


122


هوامش

1- الوافي، الكاشاني، ج4، ص196.