فتح مكة

المناسبة: فتح مكة

التاريخ: 20 رمضان

قال الله تعالى:
﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا1

قالوا إن الله تعالى أرى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في المنام بالمدينة قبل أن يخرج الى الحديبية أن المسلمين دخلوا المسجد الحرام فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم داخلوا مكة في عامهم ذلك، فلما انصرفوا ولم يدخلوا مكة قال المنافقون ما حلقنا ولا قصّرنا ولا دخلنا المسجد الحرام فأنزل الله هذه الآية وأخبر انه أرى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم الصدق في منامه لا الباطل وأنهم يدخلونه بعد


181


سنتين وفي السنة الثامنة للهجرة ازدادت قريش يقيناً وأدركت أن شروط صلح الحديبية لم تكن في صالحها ووجدت نفسها لوحدها في المعركة وستكون في يوم قريب وسط بحر إسلامي جارف.

وفي شعبان اعتدت قبيلة بني بكر حليفة قريش على خزاعة حليفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وداهمتها في ديارها بدعم تام من قريش رجالاً وسلاحاً وأوقعت العديد من القتلى.

بعثت خزاعة عمرواً بن سالم الى الرسول مستنجدة على الغادرين وعارضة تفاصيل العدوان.

تأكد الأمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فعزم على أمر لم يشأ أن يكشفه حرصاً على السرية فقريش قد نقضت العهد والصلح حقق أهدافه.

أ
لتفتت قريش على أنها غير قادرة اليوم على مواجهة قوة المسلمين.أرسلت أبا سفيان علَّه يعيد الأمور الى مجاريها كما كانت.رفض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما عُرض عليه ولم تنفع الوساطات فعاد أبو سفيان الى مكة وقد فشل مسعاه.

الفتح المبين:

بأمر من النبي تهيأ المسلمون للحرب دون أن يعرفوا الوجهة


182


والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يطلب العون من الله: " اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها".لقد قرر النبي استئصال رأس الوثنية واكتساحها وحرص على كتمان الأمر ليبقى عنصر المفاجأة حاسماً فلا تستطيع قريش مقاومة أو دفاعاً لتحقن الدماء.

تحرك الجيش بشهر رمضان والقائد هو الرسول والعدد عشرة آلاف رجل وعميت الاخبار عن قريش.

طوقت مكة وأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كل مسلم أن يوقد ناراً فتحول ليل الصحراء إلى نهار وانهارت حينئذ معنويات قريش وأدركت الأغلبية العظمى أنه لا جدوى من المقاومة فدخلت دُورها ومسجدها وأغلقت أبوابها واستسلمت أمام الزحف.

دخلت قوات المسلمين من جهاتها الأربع بأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تحسباً لأي طارئ مع حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أن لا تراق قطرة دم.فها هو يخلع سعد بن عبادة ويعطي الراية لعلي لأنه توعد قريشاً: " اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة.وينادي علي عليه السلام اليوم يوم المرحمة، اليوم تصان الحرمة".

دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة.وقف على باب الكعبة بعد أن طاف


183


خطب:" يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا:خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم قال: اذهبوا أنتم الطلقاء"2.

وتتهاوى الأصنام بهذا الأعلان ويكسب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم القلوب وفتح النفوس على الإسلام فلم يكن على قريش أن تقبل بمصيرها الذي آلت إليه وهي سيدة العرب لو لم تعامل هذه المعاملة السلمية فتقبل على الإسلام طائعة وتحمل رايات الجهاد ويسقط في العشرين من شهر رمضان أقوى حصون المشركين بل عاصمتهم الأكثر تحجراً وتصدق الرؤيا.


184


هوامش

1- الفنح: 27.
2- الشيخ االمنتظري – دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الاسلامية- ج 2 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 5