المحاضرة الرابعة: آيات الله في الوجود

تصدير الموضوع:

وقال تعالى:
﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.

الهدف: عرض بعض الآيات التي تعرض لها الله تعالى في كتابه للفت نظر الإنسان إليها وإلى الله تعالى من خلالها.


101


مقدمة

إن الله - وتفضلاً منه ورحمة - أودع هذا الكون ما لا يعد ولا يحصى من الآيات والتي أحاطت بالإنسان من كل جانب، وذلك لتبقى علاقة الإنسان بربه قويه وصلته به أكيدة وتذكره له لا يهدأ، وأشار القرآن الكريم إلى كثيرٍ من الآيات التي قلّما يلتفت إليها الإنسان في مسيرة حياته، فجاء هذا النداء الإلهي لينبهه من غفلته ويوقظه من سباته ويرده إلى الجادة التي أرادها الله له.

الآفاق والأنفس: قال تعالى:
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ 1.

الفلك والأنهار: قوله تعالى:
﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ2. وتسخير الفلك للناس هو جعلها بحيث تنفعهم في مقاصدهم. وعليه فالله تعالى جعل آياته في خدمة الإنسان كي لا يغيب الله تعالى عن قلبه أبداً.

قوله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ 3.


102


الكواكب والليل والنهار: قال تعالى:﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ4.

قوله تعالى:
﴿َمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ 5. فماذا لو كانت الحياة كلها ليل أو كلها نهار، ألا تصبح حياة الإنسان جحيماً يتمنى الموت معها.

مراحل خلق الإنسان: قال تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 6.

وقال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ7. وهذه المراحل من أشد آيات الله تعقيداً، فالإنسان إلى يومنا هذا لم يكتشف كافة أسرار نشوؤه وتطوره وتكامله.

الحياة بعد الموت: قال تعالى:
﴿يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا


103


لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ8.. وقال تعالى: ﴿وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ9.

قال تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 10.

البرق والمطر: قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 11. وهذه الآية كذلك مسخرةً لخدمة الإنسان.

السكن إلى الأزواج: قال تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾12.

والآية هذه تلبي حاجة ضرورية ونزعة فطرية فطر الله الإنسان عليها، وهي حاجته إلى السكينة والراحة والإستقرار النفسي.


104


قال تعالى:﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾13.

الخروج إلى الحشر: قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ14.

قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ﴾15.

الرياح: قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ16.

قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾17 . ﴿ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ 18.

ضعف الإنسان وعجزه: قال تعالى:
﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن


105


 مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير* وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ19. ومن هنا نجد أن الله أسبغ في هذا الوجود آياته وأفاض على الإنسان من هذه لآيات ما يعينه ودلّه عليها وذكّره بها كي لا يغفل عنها حتى تبقى صلته به وثيقة وعلاقته به محكمة راسخة.


106


هوامش

1- فصلت، 53.
2- ابراهيم 32.
3- الشورى، 32.
4- النحل 12.
5- الروم، 23.
6- غافر 67.
7- الروم، 20.
8- الحديد 17.
9- الرعد 4.
10- فصلت، 39.
11- الروم، 24.
12- الروم، 21.
13- الروم، 22.
14- الروم، 25.
15- الشورى 29.
16- الروم 46.
17- فصلت، 37.
18- فصلت، 38.
19- الشورى، 30-31.