القسم الأول: الشعر القريض

من توجيهات الإمام الخميني قدس سره

- يجب التذكير بالمصائب والمظالم التي يرتكبها الظالمون في كل عصر ومصر وإيرادها في القصائد والأشعار التي ينظمها الشعراء في مدح ورثاء أئمة الحق عليهم السلام بشكل حماسي.

- ليهتم خطباء المنابر (أيدهم اللّه) وليسعوا في دفع الناس إلى القضايا الإسلامية وإعطائهم التوجيهات اللازمة في الشؤون السياسية الإسلامية والإجتماعية الإسلامية، وليتمسكوا بالمراثي والخطابة، فنحن أحياء بهذه المراثي.

- على الخطباء أن يتلوا المراثي كما كانوا يفعلون في السابق، وليعدوا الناس للتضحية والفداء.


9


سلوكيات الخطيب الناجح

إن شخصية الخطيب الأخلاقية لها دور كبير في التأثير على المحيط الذي يخاطبه، وما لم تتوفر فيه المواصفات الأخلاقية المطلوبة، فلن يكون لكلامه وقع في نفوس السامعين، وسوف يفتقد إلى عنصر النجاح والتوفيق حينئذٍ. وأهم هذه المواصفات:

1- التوكل على اللّه تعالى وطلب التوفيق منه.
2- الإخلاص في خدمة أهل البيت عليه السلام، وأن يكون هدفه هو التقرب إلى اللّه تعالى قبل كل شي‏ء.
3- تقوى اللّه تعالى، فإن تقوى اللّه تعالى هي الأساس في شخصية الخطيب الناجح.
4- إحراز رضا أهل البيت عليهم السلام والجد والاجتهاد في خدمتهم، ليرتقي منبرهم عن رضا منهم عليهم السلام بذلك، فإن رضاهم رضا اللّه تعالى.
5- التعظيم الدائم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأهل البيت عليهم السلام ولكل ما يرتبط بالدين.
6- الإستعانة ظاهراً وباطناً بالإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف ويبرز ذلك في خطابه المنبري ليربط الناس بصاحب الأمر عليه السلام.
7- التخلق بالأخلاق الحسنة، كالتواضع والوقار والصدق والصبر وصفاء النفس ليكون نموذجاً فاضلاً في سلوكه وقدوة حسنة في أعماله.


11


الدرج:

تعريفه: سمي الدرج درجاً من التدرج والارتقاء في قراءة مقدمة القصيدة، حيث يبدأ الخطيب بقراءة القصيدة قراءة عادية بإيقاع واحد يسلك فيه طريقة هادئة، ثم يرتقي شيئاً فشيئاً بطريقة أرفع حتى يتحول إلى طور اخر ويقرأ في ثلاثة مواضع في مقدمة القصيدة وفي أثناء المصيبة وفي ختامها قبل التخميس ففي الموضع الأول تختلف قراءته بحسب اختلاف نوعية الشعر فقد قسِّم الشعر إلى أربع حالات (رثاء جهادي ملحمي موعظة) ولكل منها طريقة خاصة في القراءة.

- أما الموضعان الباقيان فإن كيفية قراءتهما يجب أن تتناسب مع طريقة قراءة المصيبة.
- أما الدرج في مقدمة القصيدة فسنذكر أربع شواهد على الحالات التي ذكرناها.

1- الموضع الأول في مقدمة القصيدة:

الشاهد الأول: الرثاء.

لم أنس زينب بعد الخدر حاسرة     تبدي النياحة ألحاناً فألحانا
مسجورة القلب إلا أن أعينها        كالمعصرات تصب الدمع عقيانا
تدعو أباها أمير المؤمنين ألا       يا والدي حكمت فينا رعايانا
وغاب عنا المحامي والكفيل فمن‏   يحمي حمانا ومن يأوي يتامانا


13


الشاهد الثاني: الجهادي.

ويستعمل عادة في القصائد التي تتحدث عن البطولة والشجاعة.

عبست وجوه القوم خوف الموت‏    والعباس فيهم ضاحك متبسم‏
بطل تورَّث من أبيه شجاعة          فيها أنوف بني الضلالة ترغم‏
ما كرَّ غضباناً على مألومة           إلا وحلّ فيها البلاء الأعظم‏



الشاهد الثالث: الشعر الملحمي.

فداءُ لمثواك من مضجعي‏        تنور بالأبلج الأروع‏
بأعبق من نفحات الجنان‏         روحاً ومن مسكها أضوع‏
ورعياً ليومك يوم الطفوف‏       وسقياً لأرضك من مصرع‏
وحزناً عليك بحبس النفوس‏     على نهجك النيِّر المهيع‏
وصوناً لمجدك من أن يذل‏       بما أنت تأباه من مبدع‏



الشاهد الرابع: الشعر الوعظي.

وهو الشعر الذي يتناول الموت - القبر - ذكر الاخرة... أو فيه نوع من الإرشاد:

ليس الغريب غريب الشام واليمن‏   إن الغريب غريب الغسل والكفن‏
إن الغريب له حق لغربته‏            على المقيمين في الأوطان والسكن‏
سفري بعيد وزادي لن يبلغني‏       وقوَّتي ضعفت والموت يطلبني
أنا الذي أغلق الأبواب مجتهداً      على المعاصي وعين اللَّه تنظرني‏


14


من مميزات الشاهد الرابع أن القصيدة إذا كانت كلها موعظة قد تقرأ بكيفية واحدة كقصيدة السيد رضا الهندي:

أرى عمري مؤذناً بالذهاب‏        تمرُّ لياليه مَرَّ السحاب‏


2- الموضع الثاني في أثناء المصيبة:

كانت فاطمة عليها السلام إذا جن عليها الليل تأتي إلى أمير المؤمنين عليه السلام تقول له يا ابن العم كم مضى من الليل يقول الإمام ثلثه تقول يا ابن العم أريد أن أخرج إلى قبر والدي رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم كانت تخرج حسن عن يمينها حسين عن شمالها أمير المؤمنين أمامها تقوم تارة وتقعد أخرى وهي تنادي واابتاه وامحمداه قال لها أمير المؤمنين يا ابنة العم أقلي من البكاء وتعزي بالعزاء إني أخشى عليكِ أن تكوني من الهالكين قالت يا ابن العم لا تلمني واعذرني إن الفراق مر المذاق خصوصاً فراق أبي سلطان الرسل وعصمة أمري إلى أن تصل إلى قبره الشريف ترمي بنفسها عليه ثم تأخذ قبضة من تراب القبر تشمها وتدنيها على عينيها وهي تقول:

الشاهد

ماذا على من شم تربة أحمد     أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت على مصائب لو أنها      صبت على الأيام صرن لياليا


رجعت فاطمة إلى الدار والحزن يغمر قلبها تبكي أباها ليلها ونهارها حتى تأذى من بكاءها أهل المدينة.

يقول بلال الحبشي ألحَّت عليَّ فاطمة أن أصعد المأذنة وأؤذن تريد


15


أن تتذكر أباها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، يقول صعدت المئذنة بدأت الأذان اللَّه أكبر اللَّه أكبر وفاطمة تقول لا شي‏ء أكبر من اللَّه لما قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا اللّه قالت فاطمة كلمة شهد بها لحمي ودمي ومخي وعظمي، لما قال المؤذن أشهد أن محمداً رسول اللَّه صاحت فاطمة واأبتاه وامحمداه أبتاه اسمك يذكر على المنابر وشخصك في المقابر.

3- الموضع الثالث:

دخلوا الدار بمرأى من علي‏ ذاك الأبي الغيور

وقفت وراء الباب رعاية للستر والحجاب لما أحس بها الرجس عصرها عصرة كادت بنفسي أن تموت حسرة فنبت المسمار في صدرها وأسقطت جنينها ذاك المسمى محسناً فسقطت إلى الأرض منادية إليك يا فضة فخذيني وإلى صدرك فسنديني فلقد واللَّه أسقطوا جنيني أقبلت إليها فضة فرأتها مغمى عليها:


غدت تصرخ يا فضة صدري انصاب   ومحسن سكط يم عتبة الباب
إجت فضة ولكنها فوك التراب          يفور من الصدر وضلوعها الدم


الشاهد

يا باب فاطمة لا طرقت بخيفة      ويد الهدى سدلت عليك حجابا

نفسي فداك أو ما علمت بفاطم‏     وقفت وراءك تخاطب الأصحاب‏


أوما رففت لظلعها لما انحنى‏
 


16


المثكل:

تعريفه: وهو من أطوار الشعر القريض المهمة التي يتفاعل معها الجمهور وكيفيته المد مع الترجيع الخفيف في بداية الشطر الأول والإسراع في القراءة عند بداية الشطر الثاني يقسم هذا الطور إلى قسمين متصل ومنفصل لا يقرأ إلا في أثناء القصيدة.

أما المتصل فتقرأ فيه الونه مرة واحدة في اخر حرف من البيت ويقرأ بطريقة شبه سريعة.

وأما المنفصل فإنه تستعمل فيه الونه مرتين في اخر البيت فقد تكون في كلمة واحدة وقد تكون في كلمتين ويستحسن أن تكون على حرف علة (ا، و، ي) أو ما يقوم مقامها الضمة الفتحة الكسرة.

1- المثكل المنفصل‏

ما إن بقيت من الهوان على الثرى‏    ملقى ثلاثاً في رباً ووهاد
لكن لكي تقضي عليك صلاتها         زمر الملائك فوق سبع شداد
لهفي لراسك وهو يرفع مشرقاً        كالبدر فوق الذابل المياد


الشاهد

ما لي أراك ودمع عينك جامد      أو ما سمعت بمحنة السجادِ
ويصيح واجداه أين عشيرتي‏      وسراة قومي أين أهل وداديِ‏
منهم خلت تلك الديار وبعدهم‏      نعب الغراب بفرقةٍ وبعادِِ

وكرائم السادات سبي للعدى‏       يعدو عليها للزمان عوادي‏


17


2- المثكل المتصل‏

اللَّه هذا ابن النبي لعظمه‏        جبريل هز المهد فيه رضيعا
يمسي لضاحية الهجير بكربلا    ظام ومطوي الحشاشة جوعا
ويقود مائدة لساغبة الضبا      والسمر تكرع من حشاه نجيعا

الشاهد

ما للمواضي قد وزعت من جسمه‏   لحم النبوة في الوغي توزيعا
فتعج أملاك السماء لقتله‏            اليوم مات الأنبياء جميعا



القزويني:

تعريفه: وهو من الأطوار الدقيقة، يحتاج في قراءته إلى جهد، تكون البداية عادية إلى نصف الشطر، ثم التوقف على كل كلمة والترجيع فيها، يوجد طريقة أخرى تبدأ بصوت عالٍ (طريقة الشاهرودي).

ويقرأ في ثلاثة مواضع، يمتاز بونة في اخر كل شطر من البيت ولا بد له من تمهيد.

الموضع الأول (يقرأ أثناء القصيدة فلا يُبتدأ به):

أخي صرت مرمى للحوادث والأسى‏    فليتك حياً تنظر اليوم حالياً
أخي لو ترى السجاد أضحى مقيدا     عليلاً يعاني موجع الضرب قاسيا

الشاهد

علي عزيز أن أراك على الثرى‏       عليك عزيز أن ترى اليوم مابيا
فحاشاك أن ترضى نروح حواسرا    سبايا من الأعداء ونطوي الفيافيا


18


الموضع الثاني (أثناء المصيبة):

لما دخلت زينب عليها السلام إلى مدينة جدها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم باكية حزينة. أخذت بعضادة باب المسجد صاحت يا جداه يا رسول اللَّه إني ناعية إليك ولدك الحسين.

يا جد ذا نحر الحسين مضرح‏     والراس والجسم الشريف مجرد
يا جد حولي من يتامى اخوتي‏    في الذل قد سلبوا القناع وجردوا


ثم توجهت إلى قبر أمها فاطمة صاحت أماه يا زهراء نور عيني فاطمة عن أي مصيبة أتحدث عن مصيبة الحسين عن مصيبة العباس عن مصيبة الأهل والأطفال:


شَسولفلك يا يمه القلب خلصان‏    شفت لما جرى وعالبال ما كان‏
شَسولفلك يا يمه القلب ذايب‏      شفت من الدهر ضيم وغرايب‏
أفاطم لو خلت الحسين مجدلاً      وقد مات عطشاناً بشط فرات‏
إذاً للطمت الخد فاطم عنده‏        وأجريت دمع العين في الوجنات‏



الموضع الثالث:

في ليلة الحادي عشر من المحرم جمعت زينب العيال والأطفال في خيمة واحدة، هذه تنادي عمه أين أبي وتلك تنادي عمه أين عمي أين ابن عمي وإذا بطفلة تنادي عمه لقد حان وقت الصلاة عمه أين أبي قالت لها بنية إن أباك في سفر كأني بزينب تحيرت ماذا تصنع وجهت وجهها إلى ناحية الغري إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام.


19


كأني بزينب تنادي أبا يا علي‏          لا خيمة ولا خباء إلهي ما الذي أصنع‏
وأنا اليوم لا والد لي ولا عم ألوذ به‏   ولا أخ لي بقي أرجوه ذو رحم‏
أخي ذبيح ورحلي قد أبيح وبي‏        ضاق الفسيح وأطفالي بغير حمي‏


الشاهد

ومدَّت إلى نحو الغريين طرفها     ونادت أباها خير ماشٍ وراكب‏
أيا ولدي لو كنت تعلم ما جرى‏    عليّ‏َ بعد تلك المصائب‏


قم يا علي فما هذا القعود وما    عهدي تغض عن الإقذاء اجفانا
فانهض لعلك من أسرٍ أضرّ بنا   تفكنا وتولى دفن قتلانا
هذا حسين بلا غسل ولا كفن‏     عار تجول عليه الخيل ميدانا

 

التخميس:

سمي بهذا الأسم لأنه يتكون من خمسة أشطر، الأصل شطران وثلاثة أشطر تجعل قبله، مع العلم أن طور التخميس يقرأ به المخمّس من الشعر وقد يقرأ بيت أو بيتين من الشعر القريض.

وقاعدته: المد والترجيع في وسط كل شطر في أكثر من كلمة مع مد وصعود خفيف في آخره، وتستعمل قراءته في موضعين في ختام القصيدة، وفي ختام المجلس فلا يمكن أن يقرأ في مطلع القصيدة أو في أثناء المجلس لأن طريقته تشير إلى الختم.

الموضع الأول:

يا حساماً فلت مضاربه الهام‏       وقد فله الحسام الصقيل‏
يا جواداً أدمى الجواد من الطعن‏   وولى ونحره مبلول‏


20


أتراني ألذُّ ماءً ولما              يروى من شربة الإمام الغليل‏

الشاهد

يا غريب الديار صبري غريب‏   وقتيل الأعداء أنت قتيل‏



والموضع الثاني في ختام المصيبة.

جاء الإمام بولده الرضيع إلى المخيم استقبلته ابنته سكينة قالت أبا هل سقيت أخي الرضيع ماءً وجئتنا ببقيه قال لها بنيه خذي هذا أخاك مذبوحا صاحت.

يبويه الطفل عني دغطيه‏   مالي قلب بالعين اصدليه‏
أشوفه ذبيح وماد رجليه‏    هذا الخفت منه طحت بيه‏
ردوك يبني بسهم مفطوم‏   يالرحت عن الماي محروم‏
بعدك لحرِّم لذة النوم‏        واصغ يعَكلي سود لهدوم‏

وابكى عليك بقلب مالوم‏


الشاهد

ومنعطف أهوى لتقبيل طفله‏     فقبل منه قبله السهم منحرا
لقد ولدا في ساعة هو والردى‏   ومن قبله في نحره السهم كبَّرا



هناك طريقة أخرى للتخميس يتألف فيها هذا الطور من خمسة أشطر متناسقة.

الشاهد

لما رأى السبط أصحاب الوفى قتلوا    نادى أبا الفضل أين الفارس البطل‏
وأين من دوني الأرواح قد بذلوا       بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا

وخلَّفوا في سويد القلب نيرانا


21


الركباني:

تعريفه: الركباني من الركب (القافلة) وسير الإبل، وكان العربي يقرأ الركباني وهو في حال المسير.

قاعدته: المد والترجيع في أكثر كلمات البيت مع الونّة الخفيفة فى أخره، يقرأ عادة في مناسبات خاصة كالسفر والوداعيات.

قالت أسماء يا سيداي اذهبا واخبرا أباكما أمير المؤمنين بوفاة أمكما فاطمة أقبل الحسنان وهما يبكيان راهما الناس ما يبكيكما يا ريحانتي رسول اللَّه هل تذكرتما جدكما رسول اللَّه قالا لا أوليس قد ماتت أمنا فاطمة سمع أمير المؤمنين سقط إلى الأرض منادياً بمن العزاء بعدك يا فاطمة وانشأ يقول:

الشاهد

أرى علل الدنيا عليَّه كثيرة      وصاحبها حتى الممات عليل‏
لكل اجتماع من خليلين فرقة    وكل الذي دون الفراق قليل‏
وأن افتقادي فاطم بعدأحمد      دليل على أن لا يدوم خليل‏


الحدي:


تعريفه: الحداء رفع الصوت، حدا بالإبل أي ساقها وغنّى لها فهو حادٍ.

وقاعدته: التسلسل في القراءة من دون تكلّف ثم المد والترجيع والصعود فيما يسبق الكلمة الأخيرة، أما اخر الشطر فيقرأ بما يشبه


22


البداية مع ونّة خفيفة، يستعمل في موضعين أثناء القصيدة وأثناء المصيبة، تستعمل فيه طريقة المد على الكلمات يحتاج إلى طبقة صوت عالية يقرأ الدرج بعده بنفس الطريقة.

الموضع الأول (أثناء القصيدة):

بكى الدين والدنيا عليك فافجعا       وفيك أسالا من دم القلب ادمعا
وصلتهما بالعدل والفضل فارتمت‏    سهام الردى قلبيهما فتقطعا
فيا ثاوياً في مرقد ودَّت العلى‏        على تربه تحنو من الشوق اضلعا
لقد ثبت الإسلام فيك موطداً          ورزؤك أوهى جنبه فتضعضعا


الشاهد

قواعد بيت اللَّه فيك تدافعت‏        وجانب طور المجد فيك تصدعا
فيا دهر ارديت الذي بِنَوالِهِ‏        إذا العام اكدى مجباً عاد ممرعا


أبا حسن كيف الردى حلّ‏َ موقفاً    وما ضاق ذرعاً مذ دنا منك أذرعا
لقد قتلت فيك الصلاة وغودرت‏     فرائض دين اللَّه حولك صرعا



الموضع الثاني (أثناء المصيبة):

يروى أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يأتي كل ليلة إلى قبر السيدة فاطمة ويجلس عند قبرها وينادي واحبيبتاه فلم يجبه أحد فلما كان بعد ستة أشهر اشتد شوقه إليها فبكى وجعل ينادي:

مالي وقفت على القبور مسلِّما    قبر الحبيب فلم يرد جوابي‏
أحبيب مالك لا ترد جوابنا         أنسيت بعدك خلَّة الأحباب‏


23


فأجاب عن نفسه وقيل أجابه هاتف:

الشاهد

قال الحبيب وكيف لي بجوابكم‏    وأنا رهين جنادل وتراب‏
أكل التراب محاسني فنسيتكم‏      وحجبت عن أهلي وعن أصحابي‏



وكان ليلة يجلس عند قبرها ويتلو القران فغفا أمير المؤمنين عليه السلام عند قبرها فرأى الزهراء عليها السلام في المنام وهي تقول شكر اللَّه سعيك يا ابن العم لقد نفذت الوصية، ثم قالت يا أبا الحسن ارجع إلى البيت فإن ابنتي زينب استيقظت من نومها ونظرت إلى مكاني فرأته خالياً فاستوحشت وأخذت بالبكاء.

يا حيدر بالله زينب روح ليها    اومش ادموعها واصبِّر عليها
أخافن على ابنيتي من بكيها     تموت أو من يباري عيال لحسين‏
بأبي التي ماتت وما             ماتت مكارمها السنيه‏
بأبي التي دفنت وعفا            قبرها السامي تقيه‏



الدشتي:

تعريفه: الدشتي هو الصحراوي (باللغة الفارسية) ولعل سبب تسميته عند الفرس بالدشتي انبثاقه من حناجر الصحراويين أو أن الغناء به هو الغالب لديهم.

وقاعدته: يقرأ النصف الأول من كل شطر قراءة خالية من المد والترجيع ثم يبدأ بهما في النصف الثاني في كل كلمة وينتهي بالصعود، يستعمل في موضعين في مقدمة القصيدة وأثناء المصيبة.


24


الموضع الأول:

رحلوا وما رحلوا أهيل ودادي‏     إلا بحسن تصبري وفؤادي‏
ساروا ولكن خلفوني بعدهم‏        حزناً أصوب الدمع صوب عهاد
وخلت منازلهم فها هي بعدهم‏      قفرى وما فيها سوى الأوتاد
ولقد وقفت بها وقوف موله‏       وبمهجتي للوجد قدح زناد
أبكي بها طوراً لفرط صبابتي‏      وأصيح فيها تارة وأنادي‏



الموضع الثاني:

خرج الإمام الحسين عليه السلام من منزله تلك الليلة وأقبل إلى قبر جده صلى الله عليه وآله وسلم فقال السلام عليك يا رسول اللَّه أنا الحسين ابن فاطمة فرخك وابن فرختك وسبطك الذي خلفتني في أمتك فأشهد عليهم يا نبي اللَّه أنهم خذلوني وضيعوني ولم يحفظوني فلما كان الليلة الثانية خرج إلى القبر وصلى ركعات عند قبر جده فلما فرغ من صلاته جعل يقول اللهم هذا قبر نبيك محمد وجعل يبكي عند القبر حتى إذا كان قريباً من الصبح وضع رأسه عند القبر فغفا وإذا هو برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ينادي حبيبي يا حسين كأني أراك عن قريب مرملاً بدمائك مذبوح بأرض كرب وبلاء.

الشاهد

ستذوق الموت ظلماً ظامئاً في كربلا     وستبقى في ثراها ثاوياً منجدلاً
وكأني بلئيم الأصل شمراً قد علا         صدرك الطاهر بالسيف يحز الودجين‏
وكأني بالأيامى من بناتي تستغيث‏       لُغباً تستعطف القوم وقد عز المغيث‏
قد يرى أجسامهن الضرب والسر        بينها السجاد في الأصفاد مغلول اليدين‏


25


الموشح القريض:

هو شبيه بقراءة الفايزي حيث يعتمد فيه على المد والترجيع ويأخذ شبه ونة في آخره.

تعريفه: وهو من أطوار الشعر القريض يقرأ بعد المصيبة وفي ختامها.

خرج الحسين من منزله في تلك الليلة وأقبل إلى قبر جده قال السلام عليك يا جداه أنا الحسين ابن فاطمة فرخك وابن فرختك وسبطك الذي خلفتني في أمتك فاشهد عليهم يا نبي اللَّه ثم قال وهذه شكواي إليك حتى ألقاك ثم جعل يبكي عند قبر جده وضع رأسه على القبر الشريف فغفا عند قبر جده فإذا هو برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ينادي ولدي حسين كأني عن قريب أراك مرملاً بدمائك. فقال يا جداه خذني إليك.

ضمني عندك يا جداه في هذا الضريح‏      علني يا جد من بلوى زماني استريح‏
ضاق بي يا جد من فرط الأسى كل فسيح‏   فعسى طود الأسى يندك بين الدكتين‏
جد صفو العيش بعدك بالأكدار شيب‏        وأشاب الهم راسي قبل أيام المشيب‏
فعلا من داخل القبر بكاء ونحيب‏           وصراخ بافتجاع يا حبيبي يا حسين‏


26


شروط الخطيب الناجح‏

1- ان يكون مطلعا على العلوم الاسلامية، كعلم الكلام، والاخلاق والاداب، والسيرة النبوية الشريفة، والتفسير، والأحاديث، ونهج البلاغة، والفقه، والتاريخ الاسلامي، وسيرة الأئمة عليهم السلام والعلماء الكبار، مع المامه بالسيرة الحسينية الماما تاما.

2- أن يركز في خطابه على القران الكريم، وأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار عليهم السلام، ويحسن اختيار الأمثلة والشواهد في بيان أفكاره.

3- أن يعمل على تنمية نفسه وتطويرها بشكل مستمر، من خلال المداومة على الدرس والخطابة والكتابة والحفظ.. والاستفادة من تجارب الاخرين.. وملاحقة كل ما هو جديد على صعيد أسلوب العرض وطرق التصوير الأدبي والشعري..

4- أن يراعي المستويات المختلفة، ويختار الوقت المناسب للمجلس، فلا يطيل إلا إذا لزم الأمر، ويكون كلامه مطابقا لمقتضى الحال.

5- أن يستهدف من وراء خطابه معالجة مشاكل الناس، ويعطي الأولوية للأهم فالأهم، ويكون في خطابه وقصصه هادفا.

6- أن يولي عناية فائقة لموضوع الارتباط العاطفي بالأئمة عليهم السلام، سيما الإمام الحسين عليه السلام والإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف. وأن يتفنن في الأساليب التصويرية والتعبيرية المساعدة على استدرار الدمعة والبكاء.


27


7- أن يحسن الأداء، وينوّع من نبرته كلما لزم الأمر، بحيث يكون له حضور قوي يشد الناس إلى متابعته كلمة كلمة.

8- أن يتحلى بالثقة بالنفس والحماسة والحزم والشجاعة، ويجتنب الخوف والقلق والتردد، ليكون مقنعا في كلامه، مؤثرا في نفوس سامعيه.

9- أن يحضّر لموضوعه ويتدرب على طريقة القائه وأدائه بشكل كامل.

10- أن لا يحدث بما تتسارع العقول إلى تكذيبه والنفور منه، فيساعد على إخفاق المجلس، ولا يتطرق إلى الموضوعات الشائكة التي لا يحسِن التخلص منها بطائل، والتي تتسبب بالتشويش على عقائد الناس وأفكارهم.


28