خاتمة في المراثي

ممّا رثاه به عليه السلام القاضي كما في المناقب:

أَتُقْتَلُ يَا ابْنَ الشَّفِيعِ المُطَاعْ
وَيَا ابْنَ الشَّرِيعَةِ وَابْنَ الكِتَابْ
مَنَاسِبُ لَيْسَتْ بِمَجْهُولَةٍ
مُهَذَّبَةٌ مِنْ جَمِيعِ الجِهَاتْ
وَيَا ابْنَ المَصَابِيحِ وَابْنَ الغُرَرْ
وَيَا ابْنَ الرِّوَايَةِ وَابْنَ الأَثَرْ
بِبَدْوِ البِلَادِ وَلَا بِالحَضَرْ
وَمِنْ كُلِّ شَائِبَةٍ أَوْ كَدَرْ1

101


رثاء الشيخ محمّد حسين الأصفهانيّ:

قَضَى حَيَاتَهُ مَدَى الزَّمَانِ
في السِّجْنِ وَالحَدِيدِ وَالعَذَابِ
وَنُورُهُ في ظُلْمَةِ المَطْمُورَه
بَلِ الجِهَاتِ السِّتَّ وَالسَّبْعَ العُلَى
وَيْلٌ لِهَارُونَ الخَنَا أَخْنَى عَلَى
مِنْ بَعْدِ أَنْ قَضَى عَلَى صَلَاتِهِ
سَيَّرَهُ مِنْ طَيْبَةَ الغَرَّاءِ
وَلَا تَخَلْ أَخْرَجَهُ عَنْ وَطَنِهْ
كَيْفَ وَأَيْنَ الرَّوْضَةُ المُنَوَّرَه
وَلَمْ يَزَلْ يُعَالِجُ الحُبُوسَا
وَعَضَّهُ القَيْدُ فَرَضَّ سَاقَهْ
وَلَمْ يَزَلْ مُصَفَّدَاً مُكَبَّلَا
آَنَسَ نَارَاً مِنْ سَمُومِ السُّمِّ
نُورُ الهُدَى خَبَا فَأَظْلَمَ الفَضَا
وَاعَجَبَا مَنْ هُوَ أَزْكَى ثَمَرَه
وَهْيَ حَيَاةُ عَالَمِ الإِمْكَانِ
يَا لَعَظيِمِ الرُّزْءِ وَالمُصَابِ
أَنَارَ وَجْهَ قُطْرَيِ المَعْمُورَه
والمَلَأُ الأَعْلَى اسْتَنَارَتْ كَمَلَا
مُوسَى رَبِيبِ المَجْدِ بَلْ رَبِّ العُلَا
يَقْطَعُهَا لَا بَلْ عَلَى حَيَاتِهِ
ظُلْمَاً إِلَى بَصْرَةَ وَالزَّوْرَاءِ
لَا بَلْ أَزَالَ رُوحَهُ عَنْ بَدَنِهْ
مِنْ مَحْبِسِ السِّنْدِيِّ رَأْسِ الفَجَرَه
وَكَانَ كُلُّ يَوْمِهِ عَبُوسَا
لَهْفِي لِمَنْ أَمَضَّهُ وِثَاقُهْ
حَتَّى قَضَى بِالسُّمِّ مُوسَى الأَجَلَا
فَزَادَهُ غَمَّاً عَقِيبَ غَمِّ
يَا سَاعَدَ اللهُ إِمَامَنَا الرِّضَا
مِنْ دَوْحَةِ المَجْدِ الأَثِيلِ المُثْمِرَه

102


مِنْ دَوْحَةِ العَلْيَاءِ وَالفُتُوَّه
كَيْفَ قَضَى بِالرُّطَبِ المَسْمُومِ
أَمِثْلُ مُوسَى وَارِثِ الرِّسَالَه
نَعْشٌ تَطُوفُ حَوْلَهُ الأَفْلَاكُ
وَلَمْ يُشَيِّعْهُ مِنَ النَّاسِ أَحَدْ
بَلْ شَيَّعَهُ الزَّفَرَاتُ المُحْرِقَهْ
شَيَّعَهُ العُقُولُ وَالأَرْوَاحُ
وَكَيْفَ نَعْشُ صَاحِبِ الخِلَافَهْ
تَنُوحُ في غُرْبَتِهِ عَلَيْهِ
نَاحَتْ عَلَيْهِ زُمَرُ المَلَائِكِ
أَمْ كَيْفَ يُسْتَخَفُّ بِالنِّدَاءِ
فَيَا لَذَاكَ الهَتْكِ وَالجَسَارَه
نَادَى عَلَيِْه الرِّجْسُ بِالتَّحْقِيرِ
أَيُذْكَرُ الطَّيِّبُ وَابْنُ الطَّيِّبِ
وَهْوَ ابْنُ مَنْ نُودِيَ بِاسْمِهِ عَلَى
نُودِيَ بِاسْمِهِ العَظِيمِ السَّامِي

مِنْ دَوْحَةِ التَّنْزِيلِ والنُّبُوَّه
عَلَى يَدِ ابْنِ شَاهِكِ المَشُومِ
يُحْمَلُ نَعْشُهُ مَعَ الحَمَّالَه
تَبَرَّكَتْ بِحَمْلِهِ الأَمْلَاكُ
فَيَا لَهَا مِنْ غُرْبَةٍ بِغَيْرِ حَدّْ
مِنْ أَنْفُسٍ قُلُوبُهَا مُحْتَرِقَهْ
لَهُمْ عَلَى غُرْبَتِهِ نِيَاحُ
يُرْمَى عَلَى الجِسْرِ مِنَ الرُّصَافَهْ
خَشْخَشَةُ الحَدِيدِ في رِجْلَيْهِ
بَلْ نَاحَتِ الحُوْرُ عَلَى الأَرَائِكِ
عَلَيْهِ وَهْوَ أَعْظَمُ الأَرْزَاءِ؟
عَلَى سَلِيلِ القُدْسِ وَالطَّهَارَه
وَإِنَّهُ ابْنُ آَيَةِ التَّطْهِيرِ
بِأَفْحَشِ القَوْلِ فَيَا لَلَعَجَبِ!
مَنَابِرِ القُدْسِ بِعِزٍّ وَعُلَى
في الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ بِالإِعْظَامِ


103


أَحُجَّةُ الحَقِّ إِمَامُ الرَّافِضَهْ
وَلَيْسَ في الغَيْبِ وَلَا الشَّهَادَهْ
بَلْ رَفَضَ البَاطِلَ رَفْضَاً رَفْضَا
فَلَا وَرَبِّ العَرْشِ لَوْلَا الكَاظِمُ
بَلْ حُجَّةُ البّاطِلِ مِنْهُ دَاحِضَهْ
سِوَاهُ قَائِدٌ إِلَى السَّعَادَهْ
وَمَحَضَ الحَقَّ الصَّرِيحَ مَحْضَا
لَمْ يَكُ لِلدِّينِ الحَنِيفِ نَاظِمُ2

104


رثاء السيّد صالح القزوينيّ:

إِعْطِفْ عَلَى الكَرْخِ مِنْ بَغْدَادَ وَابْكِ بِهَا
مُوسَى بْنُ جَعْفَرَ سِرُّ اللهِ وَالعَلَمُ
بَابُ الحَوَائِجِ عِنْدَ اللهِ وَالسَّبَبُ
أَلكَاظِمُ الغَيْظَ عَمَّنْ كَانَ مُقْتَرِفَاً
يَا ابْنَ النَّبيّين كَمْ أَظْهَرْتَ مُعْجِزَةً
وَكَمْ بِكَ اللهُ عَافَى مُبْتَلَىً وَلَكَمْ
لَمْ يُلْهِكَ السِّجْنُ عَنْ هَدْيٍ وَعَنْ نُسُكٍ
وَكَمْ أَسَرُّوا بِزَادٍ أَطْعَمُوكَ بِهِ
وَلِلطَّبِيبِ بَسَطْتَ الكَفَّ تُخْبِرُهُ
بَكَتْ عَلَى نَعْشِكَ الأَعْدَاءُ قَاطِبَةً
رَامُوا البَرَاءَةَ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ دَمِهِ
كَمْ جَرَّعَتْكَ بَنُو العَبَّاسِ مِنْ غُصَصٍ
أَبْكَيْتَ جَدَّيْكَ وَالزَّهْرَاءَ أُمَّكَ وَ
طَالَتْ لِطُولِ سُجُودٍ مِنْهُ ثَفْنَتُهُ
رَأَى فَرَاغَتَهُ في السِّجْنِ مُنْيَتَهُ
كَنْزاً لِعِلْمِ رَسُولِ اللهِ مَخْزُونَا
المُبِينُ في الدِّينِ مَفْرُوضَاً وَمَسْنُونَا
المُوصُولُ بِاللهِ غَوْثُ المُسْتَغِيثِينَا
ذَنْبَاً وَمَنْ عَمَّ بِالحُسْنَى المُسِيئِينَا
في السِّجْنِ أَزْعَجْتَ فِيهَا الرِّجْسَ هَارُونَا!
شَافَى مَرِيْضَاً وَأَغْنَى فِيكَ مِسْكِينَا!
إِذْ لَا تَزَالُ بِذِكْرِ اللهِ مَفْتُونَا
سُمّاً فَأَخْبَرْتَهُمْ عَمَّا يُسِرُّونَا!
لَمَّا تَمَكَّنَ مِنْهَا السُّمُّ تَمْكِينَا
مَا حَالُ نَعْشٍ لَهُ الأَعْدَاءُ بَاكُونَا
وَاللهُ يَشْهَدُ مَا كَانُوا بَرِيئِينَا
تُذِيبُ أَحْشَاءَنَا ذِكْراً وَتُشْجِينَا
الأَطْهَارَ آَبَاءَكَ الغُرَّ المَيَامِينَا
فَقَرَّحَتْ جَبْهَةً مِنْهُ وَعِرْنِينَا
وَنِعْمَةً شَكَرَ البَارِي بِهَا حِينَا

105


يَا وَيْلَ هَارُونَ لَمْ تَرْبَحْ تِجَارَتُهُ
لَيْسَ الرَّشِيدُ رَشِيداً في سِيَاسَتِهِ
تَاللهِ مَا كَانَ مِنْ قُرْبٍ وَلَا رَحِمٍ
لَهْفِي لِمُوسَى بِهِمْ طَالَتْ بَلِيَّتُهُ
يَزِيدُهُمْ مُعْجِزَاتٍ كُلَّ آوِنةٍ
لَمْ يَحْفَظُوا مِنْ رَسُولِ اللهِ مَنْزِلَهُ
بَاعُوا لَعَمْرِي بِدُنْيَا الغَيْرِ دِينَهُمُ
في كُلِّ يَوْمٍ يُقَاسِي مِنْهُمُ حَزَناً

بِصَفْقَةٍ كَانَ فِيهَا الدَّهْرُ مَغْبُونَا
كَلَّا وَلَا ابْنُهُ المَأْمُونُ مَأْمُونَا
بَيْنَ المُصَلِّينَ لَيْلاً وَالمُغَنِّينَا
وَقَدْ أَقَامَ بِهِمْ خَمْساً وَخَمْسِينَا
وَنَائِلاً وَلَهُ ظُلْماً يَزِيدُونَا
وَلَا لِحُسْنَاهُ بِالحُسْنَى يُكَافُونَا
جَهْلاً فَمَا رَبِحُوا دَنْيَا وَلَا دِيْنَا
حَتَّى قَضَى في سَبِيلِ اللهِ مَحْزُونَا3


106


رثاء الشيخ محمّد عليّ اليعقوبيّ:

بِنَفْسِي الَّذِي لَاقَى مِنَ القَوْمِ صَابِراً

بَعِيْدَاً عَنِ الأَوْطَانِ وَالأَهْلِ لَمْ يَزَلْ

يُعَانِي وَحِيداً لَوْعَةَ السِّجْنِ مُرْهَقَاً

وَدَسَّ لَهُ السُّمَّ ابْنُ شَاهِكَ غِيلَةً

وَمَاتَ سَمِيماً حَيْثُ لَا مُتَعَطِّفٌ

قَضَى فَغَدَا مُلْقَىً عَلَى الجِسْرِ نَعْشُهُ

وَنَادَوْا عَلَى جِسْرِ الرُّصَافَةِ حَوْلَهُ

فَقُلْ لِبَنِي العَبَّاسِ فِيمَ اعْتِذَارُهَا

بِحَيْثُ رَسُولُ اللهِ وَالطُّهْرُ فَاطِمٌ

رَمَتْ قَبْلَهَا حَرْبٌ فَأَصْمَتْ سِهَامَهَا

فَيَا بْنَ الأُلَى عَنْ حُبِّهِمْ وَوَلَائِهِمْ

خُذُوا يَوْمَ حَشْرِي إِنْ وَهُنْتُ بِسَاعِدِي

أَذَىً لَوْ يُلَاقِي يَذْبُلاً سَاخَ يَذْبُلُ

بِبَغْدَادَ مِنْ سِجْنٍ لِآَخَرَ يُنْقَلُ

وَيُرْسَفُ بِالأَصْفَادِ وَهْوَ مُكَبَّلُ

فَأَدْرَكَ مِنْهُ الرِّجْسُ مَا كَانَ يَأْمُلُ

لَدَيْهِ وَلَا حَانٍ عَلَيْهِ يُعَلِّلُ

لَهُ النَّاسُ لَا تَدْنُو وَلَا تَتَوَصَّلُ

نِدَاءً تَكَادُ الأَرْضُ مِنْهُ تُزَلْزَلُ

عَنِ الآلِ لَوْ أَنَّ المَعَاذِيرَ تُقْبَلُ؟

خَصِيمَانِ وَالرَّحْمَنُ يَقْضِي وَيَفْصِلُ

وَسَهْمُ بَنِي الأَعْمَامِ أَدْمَى وَأَقْتَلُ

جَمِيْعُ الوَرَى يَوْمَ القِيَامَةِ تُسْأَلُ

فَإِنِّي بِأَعْبَاءِ الجَرَائِمِ مُثْقَلُ


107


وقال أيضاً يرثيه عليه السلام:

مَا أَنصَفَتْكَ بَنُو الأَعْمَامِ إِذْ قَطَعَتْ
أَبْكِيكَ رَهْنَ السُّجُونِ المُظْلِمَاتِ وَقَدْ
تُمْسِي وَتَغْدُو بَنُو العَبَّاسِ في مَرَحٍ
دَسُّوا إِلَيْكَ نَقِيعَ السُّمِّ في رُطَبٍ
حَتَّى قَضَيْتَ غَرِيْبَ الدَّارِ مُنْفَرِداً
أَبْكِي لِنَعْشِكَ وَالأَبْصَارُ تَرْمُقُهُ
أَبْكِيكَ مَا بَيْنَ حَمَّالِينَ أَرْبَعَةٍ
نَادَوْا عَلَيْهِ نِدَاءً تَقْشَعِرُّ لَهُ
لَمْ تَجْتَمِعْ هَاشِمُ البَطْحَا لَدَيْهِ وَلَا
كَأَنَّهَا مَا دَرَتْ أَنَّ العَمِيدَ مَضَى

أَوَاصِراً بِرَسُولِ اللهِ تَتَّحِدُ
ضَاقَ الفَضَا وَتَوَالَى حَوْلَكَ الرَّصَدُ
وَأَنْتَ في مَحْبِسِ السِّنْدِيِّ مُضْطَهَدُ!
فَاخْضَرَّ لَوْنُكَ مُذْ ذَابَتْ بِهِ الكَبِدُ
لِلَّهِ نَاءٍ غَرِيْبُ الدَّارِ مُنْفَرِدُ
مُلْقَىً عَلَى الجِسْرِ لَا يَدْنُو لَهُ أَحَدُ
تُشَالُ جَهْراً وَكُلُّ النَّاسِ قَدْ شَهِدُوا
السَّبْعُ الطِّبَاقُ فَهَلَّا زُلْزِلَ البَلَدُ
الأَشْرَافُ مِنْ مُضَرِ الحَمْرَاءِ تَحْتَشِدُ
وَمِنْ رُوَاقِ عُلَاهَا قَدْ هَوَى العَمَدُ4

108


هوامش

1- ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 328- 329.

2- الأصفهاني الشيخ محمد حسين: الأنوار القدسية ص 91-94

3- الشاكريّ الحاج حسين: موسوعة المصطفى والعترة ج 11 ص 483- 485.

4- الشاكريّ الحاج حسين: موسوعة المصطفى والعترة ج 11 ص 499- 501.