المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي منّ علينا بالأئمّة الهداة، وجعلهم في حلك الظلام سفينةَ النجاة، وجعل في السفينة مصباح الهدى، ومناراً على طول المدى، والصلاةُ والسلام على النبيّ المصطفى وآله الميامين النجباء.

وبعد...

فإنّ الإمام الحسين عليه السلام هو ثار الله وابن ثاره، فقد قُتل في سبيل الله، وسُفك دمه في طاعته، والله تعالى يطلب دمه بوليّه الإمام الحجّة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولذا كان من شعاراته: يا لثارات الحسين...

وهذا يعني - فيما يعني - الارتباطَ الوثيق بين نهضة الإمام الحسين عليه السلام وثورته المباركة، وبين قيام الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف وظهورهِ، وبقاءَ هذا المصاب الجلل حيّاً في أذهان الأمة وحاضراً في وجدانهم، حتى أيامه عليه السلام.

ولذا حثّت الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام على البكاء والحزن وإقامة العزاء وإحياء الأمر، وذكرت الثواب الجزيل والأجر العظيم لذلك. فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "يا فاطمة، كلّ عين باكيةٌ يوم القيامة، إلا عيناً بكت على مصاب الحسين، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنّة"1.

ومن هنا كان ما يقوم به الخطباء والقرّاء من رثاء وإحياء وإبكاء، يندرج في هذا الأجر العظيم والثواب الجزيل الذي تعرّضت له الروايات.

ولا شك في أنّ عمدة المجالس التي يقيمها القرّاء وخَدَمَةُ المنبر الحسينيّ، إنما هي على المادة العزائية التي يتكوّن منها نصّ المجلس. ومن هنا أحببنا في معهد سيد الشهداء عليه السلام أن يكون لنا نصيب المشاركة مع إخواننا القراء في تقديم هذا الكتاب؛ ليكون عوناً لهم في مجالسهم التي يقرأونها في الليالي العشر الأولى من محرَّم.

وقد تميّز هذا الإصدار بأمور:
- إعداد المجالس الحسينيّة، مقتصرين فيها على القصيدة والنعي، مع عدم وجود للموعظة أو المحاضرة، اعتماداً منّا على خبرة القرّاء الكرام في انتقاء الموضوع المناسب للمجلس من كتاب "زاد عاشوراء".

- اختيار الأبيات الشعبيّة - العراقيّة - المألوفة والمسموعة، ذات العبارات الواضحة عموماً.

- اختيار قصائد جديدة غير مستهلَكة في الغالب، لتُضاف إلى جعبة القرّاء الأعزاء.

- أضفنا بعض المراثي التي اعتاد بعض القراء تلاوتها أثناء مجلس العزاء أو بعده.

ختاماً، يرحّب المعهد بكلّ ملاحظة أو إشارة أو نصيحة بنّاءة تقدَّم على هذا الطريق، ونسأل الله تعالى أن يتقبّل عملنا ويحشرنا مع الحسين عليه السلام وأصحابه، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، إنّه قريب مجيب.


والحمد لله رب العالمين
معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ

هوامش

1- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 44، ص 293.