المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي منّ علينا بالأئمّة الهداة, وجعلهم في حلك الظلام سفينة النجاة, وجعل في السفينة مصباح الهدى, ومناراً على طول المدى, والصلاة والسلام على النبيّ المصطفى وآله الميامين النجباء.

وبعد..

تمتاز المجالس الحسينية التي تعقد أيام عاشوراء من غيرها من المجالس الفكرية والتربوية, بأنّها تجمع بين عنصرين أسايين يحتاجهما الإنسان على طول مسيرة حياته وهما: الفكر والعاطفة.

فقد لعبت هذه المجالس على مر التاريخ دوراً كبيراً في توعية المجتمع تجاه العديد من القضايا الفكرية الهامة التي لا بد للناس من التنبه إليها, خصوصاً في مجال رفض الظلم ومحاربة الطواغيت.

ولسنا هنا بحاجة إلى سرد النماذج المختلفة التي كان المجلس الحسيني سبباً في صنعها أو تحريكها, لكن يكفي أن نشير إلى ما قاله مفجر الثورة الإسلامية في إيران الإمام الخميني قدّس سرّه مراراً وبعبارات مختلفة أن: كل ما عندنا من عاشوراء أو من هذه المجالس.

وإلى جانب التوعية الفكرية, كان البكاء وذرف الدموع والعبرات على مصاب سيد الشهداء عليه السلام, الأمر الذي كان له الأثر الكبير في تعبئة النفوس وشحنها تجاه الأهداف المقدسة للنهضة الحسينية, وربط الناس بالعقيدة الصحيحة, والخط الرسالي المحمدي الأصيل, المتجسد في النبي وآله عليهم السلام.

وقد قام الخطباء وقراء العزاء - جزاهم الله خيراً - على طول التاريخ ومنذ عهد الأئمة عليهم السلام بهذين الدورين الأساسيين, يعاونهم في ذلك جمهور كبير وواسع من المحبين والموالين في مختلف بقاع الأرض وبدافع ذاتي لا نكاد نجد له نظيراً في مناسبة أخرى من حيث السعة والشمول والاهتمام بالمناسبة والإحياء عند أي فريق أو أتباع دين أو مذهب آخر.
ولا شك أن عمدة هذه المجالس إنما هو على المادة العزائية التي يتكون منها نص المجلس, ومن هنا أحببنا في معهد سيد الشهداء عليه السلام أن يكون لنا نصيب المشاركة مع إخواننا القراء في تقديم هذا الكتاب ليكون عوناً لهم في مجالسهم التي يقرأونها في الليالي العشر الأولى من المحرم.

وقد تميز هذا الإصدار بـ:
إعداد المجالس الحسينيّة مقتصرين فيها على القصيدة والنعي, مع عدم وجود للموعظة أو المحاضرة, اعتماداً منّا على خبرة القرّاء الكرام في انتقاء الموضوع المناسب للمجلس.

اختيار الأبيات الشعبيّة - العراقيّة - المألوفة والمسموعة, ذات العبارات الواضحة عموماً.

اختيار قصائد جديدة غير مستهلة في الغالب, لتضاف إلى جعبة القرّاء الأعزّاء.

ضممنا إلى الكتاب بعض المراثي التي اعتاد بعض القرّاء تلاوتها أثناء أو بعد مجلس العزاء.

ختاماً, يرحّب المعهد بكلّ ملاحظة أو إشارة أو نصيحة بنّاءة تقدّم على هذا الطريق, ونسأل الله تعالى أن يتقبّل عملنا ويحشرنا مع الحسين عليه السلام وأصحابه, وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم, إنّه قريب مجيب.
 

معهد سيّد الشهداء عليه السلام
للمنبر الحسينيّ