مجلس حمل آل الرسول على النياق

بأَبي أَبيَّ الضَيمِ صَالَ وَمَا لَهُ إِلَّا المُثَقَّفَ والحُسَامَ نَصيرُ
زَجَّتْ له الأقدارُ سَهْمَ مَنيّةٍ فهوى لُقىً فاندَكَّ منهُ الطُّورُ
بأبي القتيلَ وغَسْلُهُ عَلَقُ الدِّمَا وعليهِ مِن أَرَجِ الثَّنَا كافورُ
ظمآنَ يَعْتَلِجُ الغليلُ بصَدْرِهِ وتُبَلُّ للخَطيِّ منهُ صُدُورُ
وغَدَتْ تدوسُ الخيلُ منه أَضالعاً سِرُّ النبيِّ بطيِّها مَستورُ
وثواكَلٌ يُشجِي الغَيُورَ حَنينُها لو كانَ ما بينَ العِدَاةِ غَيورُ
َحَرَمٌ لِأَحْمَدَ قد هُتِكْنَ سُتُورُها فهُتِكنَ مِنْ حَرَمِ الإلهِ سُتُورُ
هَتَفَتْ غَدَاةَ الرَّوعِ باسمِ كَفيلها وكفيلُها بثَرى الطفوفِ عَفيرُ

19


ما لاحَظَت عينُ الهِلاَلِ خَيَالَها والشُّهْبُ تَخْطُفُ دونَها وتغورُ
حتَّى النسِيمُ إذا تَخَطَّى نحوَها أَلْقَاهُ في ظِلِّ الرِّماحِ عُثُورُ
فبدا بيومِ الغاضِريَّةِ وَجْهُها كالشمسِ يستُرُها السَّنا والنورُ
فَغَدَت تَوَدُّ لو أنَّها نُعِيَتْ ولم يَنْظُرْ إِليها شامِتٌ وكَفورُ
ابيا حاله كَضت زينب نهرها وابدمهم كربله يجري نهرها
الشمر يحسين من بعدك نهرها أو خذوها اميسره لابن الدعيه

التمهيد للمصيبة ( گـوريز):

حدّث يحيى المازني قال: "كنت في جوار أمير المؤمنين عليه السلام في المدينة مدّة مديدة, وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب عليها السلام ابنته, فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوت، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم تخرج ليلاً, والحسن عليه السلام عن يمينها والحسين عليه السلام عن شمالها وأمير المؤمنين عليه السلام أمامها, فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين عليه السلام فأخمد ضوء القناديل, فسأله الحسن عليه السلام مرّة عن ذلك فقال أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب".


20


المصيبة:

أقول سيّدي يا أمير المؤمنين:

أمُخمِدُ ضَوْءَ البيتِ عن شخصِ زينبٍ لكي لا يُرى في الليلِ حتَّى خيالهُا
تمنّيتُ يومَ الطَّفِ عينُكَ أبصَرَتْ بَناتُكَ كيفَ ابتُزَّ مِنها حِجَالُهَا

أقول سيّدي لقد أبرزت كريمتك لمّا أصبحوا يوم الحادي عشر، وعزم القوم على الانصراف, وقدّموا النياق العجف إلى بنات رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم, ونادوا هلمّوا واركبوا فقد أمر ابن سعد بالرحيل، خرجت زينب وأقبلت على عمر ابن سعد قائدِ جيش الضلال وقالت له: سوّد الله وجهك يا بن سعد، تأمر هؤلاء الأجانب أن يركبّونا ونحن ودائع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم؟ قل لهم فليتباعدوا عنّ، ونحن يركِّب بعضنا بعضاً, فتباعدوا عنهم، وجعلت زينبُ عليها السلام بنفسها تركب العيال والأطفال, تنادي كلّ واحدة باسمها وتركبها حتَّى ركّبت الجميع، ثمّ أقبلت إلى الإمام زين العابدين عليه السلام وقالت له: قم يا بن أخي واركب الناقة، قال لها: اركبي أنت أوّلاً ودعيني وهؤلاء القوم.
نعم يروى أنّها لمّا أقبلت إلى ناقتها لتركب، والتفتت يمنة ويسرة فلم تر أحداً يعينها على الركوب, تذكّرت عزّها وجلالها, في ذلك الوقت هاج بها الحزن, وحوّلت وجهها إلى جهة نهر العلقميّ


21


 ونادت بصوت حزين: أخي أبا الفضل أنت الذي أركبتني يوم خروجنا من المدينة, فمَن الآن يركِّب أختك زينب؟

يحادي الظعن وين الظعن منوين جرح قلبي على السجاد من ون
أنا وين وشمر ياخلك من وين عقب عباس گـايدلي مطيه

ولمّا سمع زين العابدين عليه السلام ندبتها لأخيها, لم يتمالك نفسه دون أن قام إليها وهو يرتعش من المرض, وقال لها: عمّتاه لقد كسرتِ قلبي وزدتِ كربي, وثنّى لها ركبته ليركّبها فارتعش من الضعف وسقط إلى الأرض, قال الراوي:
فأقبلت فضّة أَمَة فاطمة عليها السلام وأركبته، وبقي الإمام زين العابدين عليه السلام أقبلوا إليه وأركبوه على ناقة عجفاء فلم يقدر على الركوب, وصار يتمايل يمنة ويسرة، فأخبروا عمر ابن سعد وقالوا له: ما نصنع بهذا العليل فإنّه لم يستطع على الركوب؟ فقال اللعين: قيّدوا رجليه من تحت بطن الناقة، فأقبلوا إليه وقيّدوه وحملوه مقيّداً مغلّلا..

 

عندك يابو فاضل يا خوي أشتكي حالي حرمه بلا والي والشمر يبرالي
والليحدي للناقة زجر عباس يا عيوني ترضى يذلوني وللشام يهدوني
خويه الفواطم بالدرب منهو الليباريها عگبك يا واليها يا ويلي عليها
وتروح تاليها بيسر عباس يا عيوني ترضى يذلوني وللشام يهدوني

22


لذا هذه المصائب انطبعت في صدر الإمام زين العابدين عليه السلام ولم تفارق مخيّلته, لهذا استمرّ بكاؤه عشرات السنين, حتى قال له أبو حمزة الثماليّ مسلّياً له: القتل لكم عادة وكرامتكم من الله الشهادة, فقال له: شكر الله سعيك يا أبا حمزة, صدقت, القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة, ولكن يا أبا حمزة, هل رأت عيناك, أم هل سمعت أذناك أنّ مخدّرة منّا سبيت قبل يوم عاشوراء, يا أبا حمزة والله ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلّا وخنقتني العبرة..
مثل المصيبة اللي دهتنا محّد انصاب
 

قلبي يبو حمزة تراه اتفطّر اوذاب مثل المصيبة اللي دهتنا محّد انصاب
ما نكست راسي لاجل ذيك الصناديد ما قصروا بالغاضرية زلزلوا البيد
أَخي لَو تَرَى السَجَّادَ أضحَى مُقَيَّدَاً أسِيراً يُعَانِي مُوجِعَ الضَربِ قَاسِياً
أخي صِرتُ مَرمَىً لِلحَوادِثِ والأَسَى فَليتَكَ حَيَّاً تَنظُرُ اليومَ حَالِيَا

23