المقدمة

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله الذي مَنَّ علينا بنعمةِ الموالاةِ لنبيِّه وآلِ نبيِّه صَلَواتُ الله عليهمْ، وقد جعَلَهُم الشُموسَ الطالعةَ، والأقمارَ المُنيرةَ، والأنجُمَ الزاهرةَ، وأعلامَ الدِّينِ وقواعِدَ العلمِ، صالحاً بعدَ صالح، وصادِقاً بعدَ صادِق، وسبيلاً بعدَ سبيل.

والحمدُ لله الذي مَنَّ علينا مِنْ بينهم بسفينةِ النَّجاة، ومِصباحِ الهُدى، الإمامِ الحسينِ بْنِ عليٍّ
عليهما السلام فأَمَرْنا بإحياءِ ذِكْرِهِ وإقامةِ أمرِهِ، تعظيماً لحقِّه.

وبعدُ..

سبَقَ لمعهدِ سيِّدِ الشُّهداءِ
عليه السلام للمنبرِ الحُسَينيّ في السنواتِ الماضيةِ أن أَصدرَ نُسخاً مختلفةً من المَقَاتِلِ الحسينيَّةِ "المصيبةُ الراتبةُ في مَقْتَلِ سيِّدِ الشهداء
عليه السلام".

ونتيجةَ الملاحظاتِ الواردةِ منَ العلماءِ والخطباءِ الحسينيّينَ حولَ مادَّةِ المقتلِ سنويّاً، أَخذَ معهدُ سيّد الشهداء عليه السلام على عاتِقهِ مُهمَّةَ إعادةِ صياغةِ المقتلِ مجدّداً، بعدَ جمعِ مختلفِ الملاحظاتِ، وتحتَ إشرافِ أهلِ الاختصاصِ.

ولقد حرصَ المعهدُ، في عمليّةِ الإعدادِ الجديدةِ، على تحرِّي الدِّقّةِ في النقلِ، والاعتمادِ على مصادرَ معتبرةٍ من كتبِ التاريخِ والمقاتلِ المعتبرةِ قديماً وحديثاً (تاريخُ الطبريّ، الإرشادُ، مقتلُ الخوارزميّ، مناقبُ ابن شهر
آشوب، اللهوفُ، أنسابُ الأشراف، الكاملُ في التاريخ، تاريخُ اليعقوبيّ، مثيرُ الأحزان، تسليةُ المجالس، مقتلُ الحسين عليه السلام للسيّد بحر العلوم، ومقتلُ الحسين عليه السلام للسيّد المقرّم، وغيرُها).

أضفْ إلى ذلك تجنّبَ عضِ العباراتِ والمعلوماتِ المثيرةِ للجدلِ.

كما وأجرينا بعضَ التعديلاتِ الهامّة على المتنِ، وبخاصّةٍ في القسمِ المتعلِّقِ بشهادةِ الإمام الحسين عليه السلام.

وقد تمَّ ذلكَ كلُّهُ في ظلِّ الحرصِ على السياقِ التاريخيِّ، والترابطِ بين الوقائعِ، والمحافظةِ على المؤثريّةِ والجوِّ العاطفيِّ والتفاعلِ مع وقائعِ اليومِ العاشرِ.

كما وقمنا بتغييرِ القصيدةِ وأضفنا بعضَ الأبياتِ الشعبيّةِ والدارجةِ، وانتخبنا منها ما هوَ المسموعُ غالباً، والمعروفُ في الأذهانِ، وما اعتادَ القرّاءُ على قراءتهِ في المقاتلِ.

وقد تميّزَت هذه الطبعةَ- إضافةً إلى ما مرَّ- بالتصحيحاتِ اللغويّةِ والنحويّةِ، وإضافةِ الحركاتِ بشكلٍ يتناسبُ معَ الإلقاءِ المنبريِّ، تسهيلاً لمهمّةِ الخطباءِ وأهلِ المنبرِ العاشورائيِّ.

ختاماً، لا يمكننا القولُ: إنَّ ما أُنجزَ كان تامّاً على المستوى التحقيقيّ، بل نحتاجُ دائماً إلى إعادة النظرِ، وهذا يلزمنا جميعاً بالمشاركةِ في عمليّة التقييمِ وتقديم المقترحات الهادفة والبنّاءة، التي يمكن أن تسهم بإعادة صياغة المقتل الحسينيّ على قواعدَ وأسسٍ علميّةٍ وتاريخيّةٍ أكثرَ دِقَّةً وشموليّة. لذا، يرحِّبُ المعهدُ بكلِّ ملاحظةٍ أو إشارةٍ أو نصيحةٍ تقدَّمُ على هذا الطريق, وتُساهم في تكامل هذا العملِ المبارك.

معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ