الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1415 - 17 ذوالقعدة 1441هـ - الموافق 09 تموز 2020م

الزارعون كنوز الأنام

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

التسخير والاستخلاف

أيّها الأحبّة،
إنّ الله -سبحانه وتعالى- كرّم الإنسان وشرّفه على مخلوقاته كلّها، فأحسن صورته، وأنعم عليه بالعقل والمنطق، وكذلك سخّر له مخلوقاته لتكون في طريق عيشه الهانئ والآمن، ومن ذلك ما سخّره من أرض ودوابّ وماء وهواء...

قال -سبحانه-: ﴿وسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[1]، وقال -تعالى-: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾[2].

وإنّ هذا التسخير مبنيّ على أنّ الإنسان مستخلَف في هذه الأرض، قال -سبحانه-: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء﴾[3]، فإنّ هذه الآية تشير إلى نوع الإنسان؛ أي إنّ الخلافة إنّما تشمل كلّ إنسان في هذه الأرض، وممّا يدلّ على ذلك أيضاً قوله -تعالى-: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْض﴾[4].

مسؤوليّة الخلافة
إنّ الخلافة التي أولاها الله للإنسان، والتي هي عبارة أخرى عن  تشريف الإنسان وتكريمه أيضاً، إنّما هي أمانة كبرى ومسؤوليّة عظمى ينبغي عليه تحمّلها والتعامل معها بكلّ مسؤوليّة، قال-سبحانه-: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ﴾[5].

الزراعة من مظاهر تحمّل الأمانة
ومن مظاهر تحمّل الأمانة والمسؤوليّة تلك، هو أن يحفظ ما سخّره له من نِعم ومخلوقات، بل وأن يقوم باستثمارها والاستفادة منها كما ينبغي، دون هدر وتضييع أو إسراف وتبذير.

وقد حثّ الدّين الإسلاميّ من خلال أحاديث المعصومين (عليهم السلام) على الاستفادة من الموارد الطبيعيّة بشكل كبير، ومن أبرز أشكال الاستفادة الزراعة؛ أي زراعة الأرض وحرثها، والاستفادة من مواردها.

روي أنّ رجلاً سأل الإمام الصادق (عليه السلام) قائلاً له: جُعِلتُ فداك! أسمع قومًا يقولون: إنّ الزراعة مكروهة، فقال (عليه السلام): «ازرعوا واغرسوا، فلا والله ما عمل الناس عملاً أجلّ ولا أطيب منه»[6].

ومن لطيف ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) في هذا الشأن، قوله: «كان أبي يقول: خير الأعمال الحرث، يزرعه فيأكل منه البرّ والفاجر»[7].

فإنّ هذا الحديث ينظر إلى النّاس بسواسية، دون تفريق بين مسلم وغير مسلم، وبين متديّن وغير متديّن، وهذا من الأخلاق الإسلاميّة الرفيعة.

بل إنّ دائرة الاستفادة التي يُنظر إليها في الزراعة، كانت أوسع دائرة وأكثر شموليّة في أحاديث المعصومين (عليهم السلام)، حيث لا يقتصر ذلك على ما يستفيده الإنسان فحسب، بل تشمل الطير والبهيمة، فعن النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة، إلّا كانت له به صدقة»[8].

ويكفي المزارع شرفاً ما رُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام): «الزارعون كنوز الأنام، يزرعون طيِّباً أخرجه الله -عزّ وجلّ-، وهم يوم القيامة أحسن الناس مقاماً، وأقربهم منزلة، يُدْعَون المباركين»[9].


[1]  سورة الجاثية، الآية 13.
[2]  سورة إبراهيم، الآيتان 32- 33.
[3]  سورة البقرة، الآية 30.
[4]  سورة فاطر، الآية 39.
[5]  سورة الأحزاب، الآية 72.
[6]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج5، ص260.
[7]  المصدر نفسه، ج19، ص340.
[8]  الهنديّ، كنز العمال، ج3، ص891.
[9] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج5، ص261.

09-07-2020 | 00-15 د | 1204 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net