الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1356 - 17 رمضان 1440 هـ - الموافق 23 أيار 2019م
ليلة القدر، فضلها وفضل إحيائها

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

محاور الخطبة
- استقبال ليلة القدر
- تسميتها
- خصائصها في سورة القدر
- فضائلها في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)
- فضل إحيائها
- سرّ تعدّد لياليها!

مطلع الخطبة
الصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

قال الله -تعالى- في محكم كتابه: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[1].

استقبال ليلة القدر
أيّها الأحبّة،
ها قد أقبلت ليلة القدر المباركة، التي فضّلها الباري -عزّ وجلّ- على غيرها من الليالي، بل عدّها خيرًا من ألف شهر.

إنّ ليلة القدر وإحياءها لمن الفرص الربّانيّة العظيمة التي منحها الله -تعالى- للإنسان، كي يتوجّه بقلبه وعقله إليه -سبحانه-، فيطلب منه العون والستر والرحمة والمغفرة، وتقدير ما هو حسن لدينه ودنياه في قابل أيّامه الآتية.

إنّها محطّة روحيّة ومعنويّة، يستطيع المرء من خلالها أن يعيد وصال ما انقطع بينه وبين ربّه، إن أحسن استغلالها وإحياءها.

إنّها ليلة مفتوحة لعباد الله كلّهم، أن يقفوا بين يديه ويتضرّعوا إليه، فللمذنب نصيب فيها بأن يستغفر الله ويتوب إليه على ما اقترف من ذنوب ومعاصٍ وآثام، وللمطيع نصيب فيها بأن يطلب من الله الاستزادة في طاعته والثبات على إيمانه ودينه.

تسميتها
إنّ تسمية هذه الليلة بليلة القدر، إنّما هو لما تختزنه من مضامين، وقد قيل: إنّها سُمّيت بذلك:
1-   لشرفها، حيث إنّ القدر في اللغة هو الشرف، كما تقول: فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف.
2-  لتقدير مآل العباد في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمته -تعالى- وبيان إتقان صنعه وخلقه.
3-  لعظمة العبادة فيها قدرًا، عن النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله): "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدّم من ذنبه"[2].
 
خصائصها في سورة القدر
إنّه لو أردنا بيان خصائص هذه الليلة المباركة فيكفينا ما ورد عنها في سورة القدر المباركة، لنقول إنّها:
- الليلة التي أنزل الله فيها القرآن، قال -تعالى-: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
- ليلة مباركة، قال -تعالى-: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}.
- ليلة يكتب الله -تعالى- فيها الآجال والأرزاق خلال العام، قال-سبحانه-: {فيها يُفرق كلّ أمر حكيم}.
- ليلة فضلُ العبادة فيها عن غيرها من الليالي، قال -تعالى-: {ليلة القدر خير من ألف شهر}.
- ليلة تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال -سبحانه-: {تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر}.
- ليلة خالية من الشرّ والأذى، حيث تكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبرّ، وتكثر فيها السلامة من العذاب، قال -تعالى-: {سلامٌ هي حتّى مطلع الفجر}.

فضائلها في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)
1- ليلة القضاء: فعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها لله -جلّ ثناؤه- يفعل ما يشاء في خلقه"[3].
2-  اقتران بقاء القرآن بها: كما عن  قال الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً: "لو رفعت ليلة القدر، لرفع القرآن"[4].
3-  يُضاعف فيها الأجر: سُئل الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)؛ كيف تكون ليلة القدر خير من ألف شهر؟ قال: "العمل الصالح فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر"[5].
4-  يُكتب فيها تقديرُ حياة العباد: سأل سليمان المرزويّ الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) قائلاً: ألا تخبرني عن {إنَّا أنْزلْنَاه في لَيْلةِ القَدْر} في أيّ شيء أُنزلت؟ قال: "يا سليمان، ليلة القدر يقدّر الله -عزّ وجلّ- فيها ما يكون من السنة إلى السنة، من حياة أو موت، أو خير، أو شرّ، أو رزق. فما قدّره في تلك الليلة فهو من المحتوم"[6].

وعن الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) أنّه قال: "تنـزّل فيها الملائكة والروح والكتبة الى السماء الدنيا، فيكتبون ما هو كائن في أمر السنة وما يُصاب العباد فيها. قال: وأمر موقوف لله -تعالى- فيه المشيّة، يقدّم منه ما يشاء، ويؤخّر ما يشاء، وهو قوله -تعالى-: {يَمْحُو الله ما يَشَاء وَيُثَبّت وَعِنْده أمّ الكِتَابْ}"[7].
 
فضل إحيائها
ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال :"إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نهى أن يُغفل عن ليلة إحدى وعشرين، وعن ليلة ثلاث وعشرين، ونهى أن ينام أحد تلك الليلة"[8].
وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): "من أحيا ليلة القدر، حُوِّل عنه العذاب إلى السنة..."[9].
وعنه أيضاً (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال:  "قال موسى: إلهي، أريد قربك.
قال: قربي لمن استيقظ ليلة القدر.
قال: إلهي، أريد رحمتك.
قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر.
قال: إلهي، أريد الجواز على الصراط.
قال: ذلك لمن تصدّق بصدقة ليلة القدر.
قال: إلهي، أريد أشجار الجنّة وثمارها.
قال: ذلك لمن سبّح تسبيحة في ليلة القدر.
قال: إلهي، أريد النّجاة من النّار.
قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر.
قال: إلهي، أريد رضاك.
قال: رضاي لمن صلّى ركعتين في ليلة القدر"[10].
وعنه (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "يفتح أبواب السماوات في ليلة القدر، فما من عبد يصلّي فيها إلّا كتب الله -تعالى- له بكلّ سجده شجرةً في الجنّة لو يسير الراكب في ظلّها مئة عام لا يقطعها، وبكلّ ركعة بيتاً في الجنّة من درّ وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وبكلّ آية تاجاً من تيجان الجنّة"[11].

ومن خطبةٍ لأمير المؤمنين (ع) ذكر فيها ليلة القدر: "صيام يومها أفضل من صيام ألف شهر، والعمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر"[12].

وعن الإمام الباقر (ع) أنّه قال: "من أحيا ليلة القدر، غُفرت له ذنوبه، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء، ومثاقيل الجبال، ومكاييل البحار"[13].

وأيضاً عن الإمام الباقر (عليه السلام): "إنّ النبيّ لمّا انصرف من عرفات وسار إلى منى، دخل المسجد، فاجتمع إليه النّاس يسألونه عن ليلة القدر، فقام خطيبًا، فقال بعد الثّناء على الله -عزّ وجلّ-: أمّا بعد فإنّكم سألتموني عن ليلة القدر، ولم أطوِها عنكم لأنّي لم أكن بها عالمًا، اعلموا -أيهّا النّاس- أنّه من ورد عليه شهر رمضان وهو صحيح سويّ، فصام نهاره، وقام وِردًا من ليله، وواظب على صلاته، وهجر إلى جمعته، وغدا إلى عيده، فقد أدرك ليلة القدر، وفاز بجائزة الربّ -عزّ وجلّ-"[14].

سرّ تعدّد لياليها!
لا شكّ أنّ ليلة القدر هي الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم، وأنّها من ليالي شهر رمضان المبارك، حيث قال الله -تعالى- في كتابه المحكم: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}، وقال في آية أخرى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، وهذا يعني أنّ القرآن الكريم قد نزل في هذه الليلة.

ولكن أيّ ليلة هي من ليالي شهر رمضان؟
إنّنا لو أردنا جمع الأحاديث الواردة في هذا الشأن لتبيّن معنا، أنّ بعضها قد ذكر وقتها بشكل عام، وأنّها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وبعضها الآخر خصّصه بليالٍ معيّنة:

أ‌- في العشر الأواخر: ورد عن لسان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "تحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"[15].
ب‌- في إحدى ليالٍ ثلاث لا غير: ليلة التاسع عشر من شهر رمضان، وليلة الواحد والعشرين من شهر رمضان، وليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان. عن سفيان بن السمط قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الليالي التي يُرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال: تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين"[16].

ورُوي أيضاً أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) سُئل عن ليلة القدر، فقال: "التمسها في ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين"[17].

والسؤال هنا، ما سرّ اختفاء الليلة بين الليالي الثلاث هذه؟

يمكن القول: إنّ سرّ ذلك يكمن في أن يتوجّه الناس للاهتمام بإحياء هذه الليالي، واستغلال أكبر قدر كافٍ من الوقت وساعات ليالي شهر رمضان المبارك بالدعاء والتضرّع إلى الله -سبحانه-.

خاتمة
أيّها الأحبّة،
إنّ هذه الليلة المباركة فرصة ثمينة لا ينبغي للمؤمن تضييعها، فلا بدّ من استغلال وقتها في ما يرضي الله -تعالى-، من قراءة للقرآن الكريم، ودعاء، وصلوات، بل ومطالعة الكتب العلميّة والمفيدة؛ فإنّ ذلك كلّه ممّا يقع في مرضاة الله -سبحانه-، ولا بدّ هنا من الإشارة إلى كون إحياء الليلة هذه يكون باليقظة حتّى طلوع فجرها.

والحمد لله ربّ العالمين

[1] سورة القدر، الآيات 1-3.
[2] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج7، ص262.
[3]  الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج4، ص160.
[4] المصدر نفسه، ج4، ص 158.
[5] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج10، ص 351.
[6] عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج1، ص162.
[7] الأمالي، الشيخ الطوسيّ، ص61.
[8] دعائم الإسلام، القاضي النعمان، ج1، ص281.
[9] بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج95، ص 145.
[10] المصدر نفسه، ج95، ص145.
[11] المصدر نفسه، ج95، ص145.
[12] فضائل الأشهر الثلاثة، الشيخ الصدوق، ص108.
[13] المصدر نفسه، ص118.
[14] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج10، ص 303.
[15] ملاذ الأخيار، العلّامة المجلسيّ، ج3، ص 441.
[16] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج10، ص 358
[17]  المصدر نفسه، ج10، ص 472.

23-05-2019 | 08-37 د | 2320 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net