الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1269 - 30 ذو الحجة 1438 هـ - الموافق 21 أيلول 2017 م
استقبال شهر محرّم

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

استقبال شهر محرّم[1]
 
محاور الموضوع الرئيسة:
- بداية التأريخ الهجري
- محرّم شهر الحزن والمصائب
- كيف نستعد لاستقبال محرّم

الهدف: التعرّف على مظاهر استقبال شهر محرم، والاستعداد لعاشوراء

تصدير الموضوع: قال الإمام الرضا(عليه السلام): "... إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا ...، وأورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام. ثم قال: كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرّم لا يُرى ضاحكاً وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين(عليه السلام)[2].

مقدمة: لقد تعدّدت وسائل وطرق ضبط التواريخ والتقويم عند العرب ومن سبقهم إلى أن استقرّ الرأي على اعتماد الهجرة النبوية كمنطلق للتقويم، ولتوضيح  هذا الأمر نشير إلى ما يلي:

* إن التاريخ الهجري قد وضع في زمن النبي صلى الله عليه وآله وقد أرَّخ به النبي أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة.

* إن بداية التاريخ الهجري كانت من هجرة النبي صلى الله عليه وآله في شهر ربيع الأول إلى المدينة المنورة، فإن أوّل السنة الإسلامية الهجرية في ربيع الأول لأنه الشهر الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله[3].
فقد ورد أنّ النبي صلى الله عليه وآله دخل المدينة لإثني عشر خلت من ربيع الأول، وكان التاريخ من ذلك ثم رُدّ إلى المحرم[4].
وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله بالتاريخ فكتب من حين الهجرة[5] فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة مهاجراً أمر بالتاريخ فكتب في ربيع الأول[6]، وعليه فالتاريخ من يوم قدوم النبي صلى الله عليه وآله مهاجراً إلى المدينة في شهر ربيع الأول.

*  إن جعل مبدأ السنة الهجرية شهر محرم بدلاً من ربيع الأول كما ورد في أكثر من مصدر إنما حصل في فترة متأخرة عن النبي وبعد وفاته صلى الله عليه وآله، وأن عمر بن الخطاب هو أوّل من أرّخ من محرّم بإشارة من عثمان وآخرين، وكان ذلك من محرّم السنة الثانية للهجرة.

1- محرّم شهر الحزن والمصائب:
محرم اسم الشهر الأول من السنة الهجرية، وسمي هذا الشهر محرّماً لأن أهل الجاهليّة كانوا يحرمون الحرب فيه أيام الجاهلية، وقد جعل أول يوم منه بداية السنة الهجرية لكن بني أمية لم يحفظوا لهذا الشهر حرمته فأراقوا دم سيّد الشهداء وأهل بيته من بني هاشم، وأصحابه الخلّص، وإلى هذا أشار الإمام الرضا (عليه السلام)بقوله: >إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون القتال فيه، فاستحلّت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا، وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم يترك لرسول الله(ص) حرمة في أمرنا"[7].
قال السيد الحميري: في حرام من الشهور أحلّت***حرمة الله والحرام حـرام

2- كيف نستعد لاستقبال محرّم:
يعيد شهر محرّم إلى الأذهان ذكريات واقعة الطف، فصار حلوله يخيّم على القلوب بالحزن، ويدفع محبّي الحسين (عليه السلام) إلى تغطية جدران مجالسهم ومحافلهم باللون الأسود منذ يومه الأول، وإقامة مجالس العزاء حزناً على مصيبته. فيطغى طابع الحزن والبكاء على جميع البلدان والمدن الشيعية، وتذرف الدموع حزناً على شهداء كربلاء.

ولهذا يستعدّ الموالون والمحبّون في أقطار العالم لاستقبال هذا الشهر الحزين بمصيبة الحسين وزينب وبقية الأهل والأصحاب، انسجاماً مع الحديث الوارد عن رسول الله (ص): ((إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا..))[8]. ويتجلّى ذلك في العديد من المظاهر مثل:

أ- إقامة المآتم وإظهار الحزن على الحسين (عليه السلام):
تمثّل أيام عاشوراء بالنسبة للشيعة فصلاً من البكاء والعزاء على الشهداء، وهذه الممارسة الدينية كانت سبباً في تخليد صنّاع تلك الملحمة. وعاشوراء بالنسبة لأتباع أهل البيت يوم حداد وحزن، وهو بالنسبة لأعداء أهل البيت يوم فرح وسرور. وقد كان لأهل الشام ولأهل العراق في هذا المجال منهجان مختلفان؛ وصفهما السيّد الرضي في أحد أشعاره بالقول:  كانت مآتم بالعراق تعدُّها***أموية بالشام من أعيادها

وورد عن الإمامِ الرضا (عليه السلام): "كان أبي عليه السلام إذا دخلَ شهرُ محرَّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلبُ عليه حتى تمضي عشرةُ أيامٍ، فإذا كان يومُ العاشر ِكان ذلك اليومُ يومَ مصيبتِه وحزنهِ وبكائهِ"

وقد ورد بشأن إقامة المآتم على الحسين العديد من الروايات والإشارات، منها ما أورده العلامة المجلسي في البحار: "وأقيمت عليك المآتم في أعلى عليين"[9]. ولما بلغ أم سلمة نبأ مقتل الحسين ونظرت إلى التراب الذي عندها في القارورة ووجدته قد تحوّل إلى دم عبيط، جعلت ذلك اليوم يوم مأتم على الحسين عليه السلام[10].

وروي عن الامام الصادق (عليه السلام) أن زوجة الحسين عليه السلام أقامت بعد مقتله مأتماً عليه، وكانت تأخذ السويق لتتقوى به على البكاء[11] .

ب- تهيئة النفوس للبكاء والتباكي على الحسين(عليه السلام):
للبكاء على مصيبة أبي عبد الله ثواب كبير، وقد بكى الملائكة والأنبياء، والأرض، والسماء، والحيوانات، والصحراء، والبحر على تلك المصيبة[12]. 
فالبكاء على مصيبة سيّد الشهداء تجديد للبيعة مع عاشوراء وثقافة الشهادة، واستمداد الطاقة الفكرية والروحية من هذه المدرسة. فإن البكاء يعكس الارتباط القلبي بأهل البيت وسيد الشهداء، وسكب الدموع هو نوع من إقرار العهد وتصديق على ميثاق المودة مع سيّد الشهداء. وقد أكد الأئمة الأطهار على البكاء على مظلومية أهل البيت، واعتبروا شهادة الدموع كدليل على صدق المحبّة. قال الإمام الصادق عليه السلام: ((من ذُكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر))[13]. وعن الإمام الرضا (عليه السلام) لريّان بن شبيب في حديث طويل: ((يا ابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب فإنه ذبح كما ذبح الكبش ..))[14]. وفي حديث آخر : ((... فعلى مثل الحسين عليه السلام فليبك الباكون. فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام))[15].

وقال الإمام الحسين عليه السلام (( أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى))[16]، وبكى الإمام السجاد (عليه السلام) على الإمام الحسين عليه السلام عشرين سنة، ولم يوضع بين يديه طعام إلاّ وبكى[17].

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): ((كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين)) (بحار الأنوار 313:45).

قال الشهيد المطهري في هذا المجال: ((البكاء على الشهيد مشاركة له في ملحمته وتجاوباً مع روحه، وانسياقاً وراء نشاطه وحركته.. والإمام الحسين (عليه السلام) بشخصيته الجليلة وشهادته البطولية ملك قلوب ومشاعر مئات الملايين من الناس، ولو انتدب جماعة على هذا المخزن الهائل والنفيس من المشاعر والمعنويات، أي أن الخطباء لو استثمروا هذا المخزون العظيم بشكل صحيح لأجل إيجاد حالة من الانسجام والتناسق والتناغم بين الأرواح الحسينية الكبيرة لأصلحوا قطاعاً مهماً من العالم))[18]. 

والبكاء في ثقافة عاشوراء سلاح جاهز على الدوام يمكن رفعه عند الحاجة بوجه الظالمين. الدموع هي لغة القلب، والبكاء هو صرخة عصر المظلوميّة. ورسالة الدموع تنطوي أيضا على حراسة دم الشهيد. قال الإمام الخميني: ((إن البكاء على الشهيد إحياء للثورة، وإحياء لمفهوم أن فئة قليلة تقف بوجه إمبراطور كبير... إنهم يخشون هذا البكاء، لأن البكاء على المظلوم صرخة بوجه الظالم)) و«لترتفع راياتُ عاشوراء المدمَّاة أكثرَ فأكثر معلنةً حلول يوم انتقام المظلوم من الظالم»[19].

 ج- تعزية المؤمنين:
فعن الإمام أبي جعفرٍ (عليه السلام): ... ثم ليندبِ الحسين ويبكِهِ، ويأمرُ مَنْ في دارِهِ ممّن لا يتقيه بالبكاءِ عليه...، وليُعَزِّ بعضُهم بعضاً بمصابِهِم بالحسينِ عليه السلام، قلتُ: وكيفَ يُعزّي بعضُنا بعضاً؟ قال: تقول: عظَّمَ الله أجورَنا بمصابِنا بالحسينِ عليه السلام، وجعلنا من الطالبين بثأرِه مع وليِّه الإمام المهدي (عج) من آلِ محمد "وتعزيةُ المؤمنين بعضُهم البعض بمصابِ الإمام الحسين (عليه السلام) فيها صورةٌ من صورِ التبليغِ عن رسالةِ شهرِ محرَّم الذي عبّر عنه الإمامُ الخميني (قده) بأنه شهرُ انتصارِ الدمِ على السيفِ، شهرٌ تمّكن فيه الحقُ من دحضِ الباطلِ ودمغِ جبهةِ الظالمين والحكوماتِ الشيطانية بختمِ البُطلان. شهرٌ علَّم الأجيالَ ـ على مرِّ التاريخ ـ طريقَ الانتصار على الرماحِ، شهرٌ سُجلتْ فيه هزيمةُ القوى الكبرى أمامَ كلمة الحق. شهرٌ علَّمنا فيه إمامُ المسلمين طريقَ مواجهةِ الظالمين على مدى التاريخ».

د- الاستعداد لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام):
فعنِ الإمامِ الباقر (عليه السلام): "من زارَ الحسينَ بن عليٍ عليهما السلام في يومِ العاشرِ من المحرَّم يظلُّ عنده باكياً لقيَ الله عز وجل يومَ يلقاهُ بثوابِ ألفي حجةٍ وألفي عمرةٍ وألفي غزوةٍ كثواب مَنْ حَجَّ واعتمرَ وغزا مع رسولِ الله (ص)، ومع الأئمةِ الراشدين" وبعدَ أن ذَكَرَ الإمامُ الباقر (عليه السلام) زيارةَ عاشوراء عقَّب قائلاً: «وإن استطعتَ أن تزورَهُ في كلِّ يومٍ بهذه الزيارةِ في دارِك فافعلْ فلكَ ثوابُ جميع ذلك» ولزيارةِ الإمام الحسين (عليه السلام) ـ إضافةً إلى الثوابِ العظيمِ ـ أثرٌ كبيرٌ في التاريخِ والحاضرِ في المحافظةِ على الإسلامِ، وهذا ما أشارَ إليه الإمامُ الراحل (قده) بقوله: «احيوا ذكرَ واقعةَ كربلاء واحيوا ذكرَ الاسمِ المباركِ لسيدِ الشهداء، فبإحيائهِما يَحيا الإسلام».

هـ- الاستعداد للّطم وإنشاد الشعرِ الحسيني واستماعِهِ:
فعنِ الإمام الصادق(عليه السلام) "من أنشدَ في الحسين (عليه السلام) بيتاً من الشعرِ فبكى وأبكى عشرة فلهُ ولهم الجنة". وجرت العادة أن يكون الإنشاد للشعر الحسيني واستماعه في مجالس عاشوراء التي دعا الإمام الخميني (قده) إلى تفعيلها بقوله: "فلتقم مجالس ذكرى سيد المظلومين والأحرار بجلال أكثر وحضور أكثر فهي مجالس غلبة قوى العقل على الجهل والعدل على الظلم والأمانة على الخيانة، وحكومة الإسلام على حكومة الطاغوت». وأيضاً يكون إنشاد هذا الشعر واستماعه في مواكب اللطم التي دعا الإمام الراحل (قده) إلى الاستفادة من مضمونه فيما قال «يجب أن يكون للطم الصدور محتوى أيضاً». هذه نبذة من آداب عاشوراء اليوم الذي كان ـ بحسب تعبير الإمام الخميني (قده) يوم الولادة الثانية للإسلام والمسلمين.
 
[1] نسخة مستلّة من الأرشيف القديم.
[2] أمالي الصدوق: 111، نقلاً عن إقبال الأعمال.
[3] البداية والنهاية، ج3، وج4.
[4] عنوان المعارف وذكر الخلائق، ص11.
[5] المواهب اللدنية، ج1، ص67، وسيرة مغلطاي.
[6] فتح الباري، ج7، ص208، تاريخ الطبري ج2، ص388.
[7] المناقب لابن شهر آشوب، ج4، ص86.
[8] جامع أحاديث الشيعة، ج12، ص556.
[9] بحار الأنوار 241:98و323.
[10] بحار الأنوار:231.
[11] بحار الأنوار:170، الكافي 266:1.
[12] بحار الأنوار220:45و ما بعدها ، سفينة البحار 97:1.
[13] وسائل الشيعة 391:10.
[14] بحار الأنوار313:44.
[15] بحار الأنوار283:44
[16] بحار الأنوار:279.
[17] بحار الأنوار108:46.
[18] كتاب ((الشهيد))للشهيد المطهري:124-125.
[19] صحيفة النور31:10.

20-09-2017 | 16-33 د | 2609 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net