الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الهداية والتبليغ في كلام وسلوك الإمام الصادق (ع) - 2
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

 5- تقديم النموذج والقدوة
تحدث القرآن الكريم مرَّتين حول إبراهيم عليه السلام بعنوان كونه قدوة، وأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كونه قدوة أيضاً: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[1]. وتحدث عن امرأة فرعون أيضاً باعتبارها قدوة: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ[2]. وإلى ما هناك وذلك ليتمكن مخاطبو الكلام الإلهي من التعرف إلى النموذج والقدوة المطلوبة وليفهموا كيف يجب أن يكون ما يريده الله تعالى في عالم الواقع والخارج. يتحدث الإمام الصادق عليه السلام عن مجموعة من العناوين باعتبارها قدوة من جملة ذلك القرآن الكريم، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الإمام علي عليه السلام، والشيعة الحقيقيون. يقول الإمام عليه السلام على سبيل المثال: "عليكم بالقرآن، فما وجدتم آية نجا بها من كان قبلكم فاعملوا به وما وجدتموه هلك من كان قبلكم فاجتنبوه"[3]، "الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة"[4].
 
يتحدث الإمام عليه السلام في كلام آخر حول سرّ بقاء وخلود وميثاقية القرآن الكريم إلى يوم القيامة ويقول: "لأن الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناسٍ فهو في كل زمان جديد وعند كل قوم غضّ إلى يوم القيامة"[5].
 
وأشار الإمام الصادق عليه السلام إلى القدوة التي يمثلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: عن أبي هارون مولي آل جعدة قال: "كنت جليساً لأبي عبد الله عليه السلام بالمدينة ففقدني أياماً، ثم إني جئت إليه فقال: فقال لي: لم أرك منذ أيام يا أبا هارون، فقلت: ولد لي غلام، فقال: بارك الله لك فيه فما سميته؟ قلت: سميته محمداً، فأقبل بخده نحو الأرض وهو يقول: محمد محمد محمد، حتى كاد يلصق خده بالأرض، ثم قال: بنفسي وبولدي وبأمي وبأبوي وبأهل الأرض كلهم جميعاً الفداء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا تسبه ولا تضربه ولا تُسِئْ إليه، واعلم أنه ليس في الأرض دار فيها اسم محمد إلا وهي تقدس كل يوم"[6].
 
6- التشبيه والتمثيل وجعل المعقول محسوساً
من جملة الأساليب المفيدة في الهداية، الاستفادة من التشبيه والتمثيل، لأنّ الناس يدركون الأمور المحسوسة بسهولة بوساطة حواسّهم الظاهرة، وذلك خلافاً للمسائل العقلية التي تحتاج إلى جهد فكري وإدراك عقلي. من هنا نرى أنّ الله تعالى قد استفاد من المَثَل في آيات متعددة حيث يقول: ﴿وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ[7]، ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ[8].
 
بناءً على الأمثلة القرآنية يمكن تشبيه "وجود الله" بـ ﴿نُّورٌ[9]، و"بطلان العطاء المترافق بالمنّة" بـ "البذر المزروع على الصخر" [10]وكذلك "العطاء والانفاق" بـ "سبعمائة حبة قمح تخرج من حبة واحدة"[11]. وقد استعان الإمام الصادق عليه السلام مراراً بهذا الأسلوب، نشير إلى نماذج من ذلك:
 
أ - التشبيه لإثبات الصانع للبشر
جرى حوار بين الإمام عليه السلام وابن أبي العوجاء: فقال له: "أمصنوع أنت أو غير مصنوع؟ فقال عبد الكريم بن أبي العوجاء: بل أنا غير مصنوع فقال له الإمام عليه السلام:  فصف لي لو كنت مصنوعاً كيف كنت تكون؟ فبقي عبد الكريم ملياً لا يحير جواباً وولع بخشبة كانت بين يديه وهو يقول طويل عريض عميق قصير متحرك ساكن كل ذلك صفة خلقه، فقال له العالم: فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها فاجعل نفسك مصنوعاً لما تجد في نفسك مما يحدث من هذه الأمور، فقال له عبد الكريم: سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ولا يسألني أحد بعدك عن مثلها، فقال أبو عبد الله عليه السلام: هبك علمت أنك لم تسأل فيما مضى فما علمك أنك لا تسأل فيما بعد، على أنك يا عبد الكريم نقضت قولك لأنك تزعم أن الأشياء من الأول سواء فكيف قدمت وأخرت، ثم قال: يا عبد الكريم أزيدك وضوحاً أرأيت لو كان معك كيس فيه جواهر فقال لك قائل: هل في الكيس دينار فنفيت كون الدينار في الكيس، فقال لك صف لي الدينار وكنت غير عالم بصفته هل كان لك أن تنفي كون الدينار عن الكيس وأنت لا تعلم؟ قال: لا، فقال: أبو عبد الله عليه السلام فالعالم أكبر وأطول وأعرض من الكيس فلعل في العالم صنعة من حيث لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة، فانقطع عبد الكريم وأجاب إلى الإسلام بعض أصحابه وبقي معه بعض"[12].
 
ب - التمثيل لجواز اسمين لله تعالى
عن هشام بن الحكم قال: "قال أبو شاكر الديصاني، إنّ في القرآن آية هي قوة لنا. قلت: وما هي؟ فقال: "وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله" فلم أدر بما أجيبه، فحججت فخبرت أبا عبد الله عليه السلام فقال: هذا كلام زنديق خبيث، إذا رجعت إليه فقل له، ما اسمك بالكوفة؟ فإنه يقول: فلان، فقل: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول: فلان، فقل كذلك الله ربنا في السماء إله وفي الأرض إله، وفي البحار إله، وفي كل مكان إله. قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته فقال: هذه نقلت من الحجاز"[13].
 
ج- التمثيل لتجديد عذاب الإنسان
عن حفص بن غياث قال: "كنت عند سيد الجعافرة جعفر بن محمد عليه السلام لما أقدمه المنصور فأتاه ابن أبي العوجاء وكان ملحداً فقال له، ما تقول في هذه الآية: "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها" هب هذه الجلود عصت فعذبت فما ذنب الغير؟ قال أبو عبد الله عليه السلام: ويحك هي هي وهي غيرها، قال: أعقلني هذا القول، فقال له: أرأيت لو أن رجلاً عمد إلى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبلها ثم ردها إلى هيئتها الأولى ألم تكن هي هي وهي غيرها؟ فقال: بلى أمتع الله بك"[14].
 
7- البرهان، الجدل، المناظرة
القرآن الكريم مليء بالبرهان والاستدلال، يقول الله تعالى: ﴿قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ[15]، ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ[16]، ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[17].
 
وإذا كان الإمام الصادق عليه السلام قد استخدم المناظرة و... فإنه يشير إلى الجدال بالحسنى ويبين أن المجادلة بالأحسن هي كالمسألة التي وردت في نهاية سورة يس حول منكري المعاد، عندما جاءوا بالعظام البالية النخرة ليضعوها أمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعندما سألوا عن القادر على إحيائها، قال: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ[18].
كان للإمام الصادق عليه السلام الكثير من المناظرات العلمية وكان يبتعد عن المناظرات غير الأصولية لذلك عندما جاء إليه الطيار وهو أحد أصحابه يسأله عن المناظرة مع المخالفين والمعاندين فأوضح له أنّ المناظرة لا بأس فيها إذا كان فيها شخص مثلك. فالإمام عليه السلام كان تسرُّه المناظرة مع شخص يتمكن من الهبوط بسلام عند طيرانه ويمكنه الطيران بشكل صحيح عند هبوطه[19].
 
* محمد عابدي


[1] سورة الأحزاب، الآية: 21.
[2] سورة التحريم، الآية: 11، وحول النماذج السيئة راجع: سورة التحريم، الآية: 10، سورة القلم، الآية: 48.
[3] الحياة، ج2ن ص116.
[4] م.ن، ص152.
[5] بحار الأنوار، ج89، ص15.
[6] بحار الأنوار، ج17، ص30.
[7] سورة إبراهيم، الآية: 25.
[8] سورة الروم، الآية: 58.
[9] سورة النور، الآية: 35.
[10] سورة البقرة، الآية: 264.
[11] م.ن/261.
[12] أصول الكافي، ج1، كتاب التوحيد، الباب 1، ص76، ذيل الحديث 2.
[13] الميزان، ج18، ص128، سفينة البحار، ج1، ص474.
[14] بحار الأنوار، ج7، ص39، ح7.
[15] سورة البقرة، الآية: 111.
[16] سورة النحل، الآية: 125، راجع أيضاً: سورة البقرة، الآية: 258، سورة النساء، الآية: 34، سورة المائدة، الآية: 91، سورة التوبة، الآية: 103، سورة طه، الآية: 14.
[17] سورة النحل، الآية: 125.
[18] التفسير الأمثل، ج16، ص300.
[19] م.ن، ج12، ص16 . 20.

04-04-2017 | 11-44 د | 2356 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net