الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
قصة نبي الله هود (ع) وقومه
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

قال الله تعالى: (والى عاد اخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره افلا تتقون)[1].

من هو هود:
النبي هود (ع) فهو من قوم عاد، وثاني الانبياء[2] الذين انتهضوا للدفاع عن الحق ودحض الوثنية، وقد تحمل الاذى والمحن في سبيل الله سبحانه، وقاسى انواع العذاب، واثنى عليه الله عزوجل فذكره في كتابه الكريم واثنى عليه وعلى رسله الكرام.

وهود بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح، وقيل: هود بن عبد الله بن رباح بن جلوث[3] بن عاد بن عوض بن ارم بن سام بن نوح[4].
 
قوم عاد:
قوم عاد هم قوم هود (ع) حيث قال تعالى: (والى عاد اخاهم هودا) كان اخاهم في النسب لكونه منهم، وافراد القبيلة يسمون اخوة لانتسابهم جميعا الى اب القبيلة، مثلما نقول: اخا اسد.

وان عادا كانت بلادهم في البادية من الشقوق[5] الى الاجفر اربعة منازل، وكان لهم زرع ونخل كثير، ولهم اعمار طويلة واجسام طويلة، وكانوا جبارين واهل اوثان يعبدونها، واوثانهم الثلاثة يقال لاحدها ـ ضرا ـ وللآخر خمور، وللثالث الهباء.
بعث الله اليهم النبي هود (ع) يدعوهم الى الاسلام وخلع الانداد فابوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه، فدعا عليهم فامسكت السماء عنهم المطر سبع سنين وقيل: ثلاث سنين حتى قحطوا، وقال لهم هود (ع): (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يرسل السماء عليكم مدرارا)[6] فأبوا الا تماديا.

فأما عاد، كان من الجبابرة، فهو: عاد بن عوض بن ارم بن سام بن نوح، وهو عاد الاول، وكانت مساكنهم مابين الشحر وعُمان وحضرموت بالاحقاف، فكانوا جبارين، حيث قال الله تعالى: (واذكروا اذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة)[7].

وكانت مدينة عاد او جنة عاد، فيها البساتين النظرة والاشجار المثمرة، والقصور المشيدة بالاعمدة والاوتدة، وكانت حصونا ومدائن ومصانع ومنازل وبساتين، وكانت بلاد عاد اخصب بلاد العرب واكثرها انهارا وجنانا، ولكنهم مع الاسف الشديد لم يشكروا الله على هذه النعمة التي انعمها عليهم بل عصوه وفسدوا في الارض وعبدوا الاوثان من دون الله، ولم يمتثلوا ويطيعوا النبي هود (ع) الذي ارسله الله لهم ليهديهم من ضلالتهم فلم يهتدوا عند ذلك غضب الله عليهم.
فلما غضب الله عليهم سلط عليهم الريح العقيم ـ وانما سميت عقيم لانها تلقمت بالعذاب، وعقمت عن الرحمة ـ وطحنت تلك القصور والحصون والمدائن والمصانع حتى عاد ذلك كله رملا ودقيقا تسفيه الرياح.

وكانت تلك الريح تدفع الرجال والنساء فتهب بهم صعدا ثم ترمي بهم في الجو فيقعون على رؤوسهم منكّسين، واستمرت الريح تعصف عليهم سبع ليالي وثمانية ايام حسوما، فترى القوم فيها صرعى كانهم اعجاز نخل خاوية، وكانت الريح تقصف الجبال كما تقصف المساكن فتطحنها ثم تعود رملا دقيقاً.

وكانت عاد ثلاثة عشر قبيلة.

وكانوا يسلخون العمد من الجبال فيجعلون طول العمد مثل طول الجبال الذي يسلخونه من اسفله الى اعلاه، ثم ينقلون تلك العمد فينصبونها، ثم يبنون القصور عليها، وعلى هذا سميت ـ ذات العماد ـ.

وانه لم يكن امة اكثر من قوم عاد ولا اشد منهم بطشا وفسادا، فلما رأوا الريح قد اقبلت عليهم قالوا لهود:
اتخوفنا بالريح؟ فجمعوا ذراريهم واموالهم في شِعب من تلك الشعاب، ثم قاموا على باب ذلك الشعب يردون الريح ويمنعونها عن اموالهم واهاليهم، حسب اعتقادهم يتمكنون من منع الريح من دخول الشعب ـ فدخلت الريح من تحت ارجلهم بينهم وبين الارض حتى قلعتهم فهبت بهم صعدا، ثم رفعتهم في الجو، ثم رمت بهم الريح في البحر.

وسلط الله عليهم الذر فدخلت في مسامعهم، وجاءهم من الذر مالا يطاق قبل ان يأخذهم الريح.
 
إمراة هود:
كان هود (ع) زراعا وكان يسقي الزرع، فجاء قوم الى بابه يريدونه، فخرجت عليهم امرأته شمطاء عوراء.

فقالت من انتم؟ فقالوا: نحن من بلاد كذا وكذا، اجدبت بلادنا فجئنا الى هود نسأله ان يدعو الله لنا حتى تمطر وتخصب بلادنا.

فقالت: لو استجيب لهود لدعا لنفسه، فقد احترق زرعه لقلة الماء، قالوا: فأين هو؟ قالت: هو في موضع كذا وكذا.

فجاؤوا اليه فقالوا: يا نبي الله قد اجدبت بلادنا ولم تمطر فاسأل الله ان تخصب بلادنا وتمطر، فتهيأ للصلاة وصلى ودعا لهم فقال لهم: ارجعوا فقد امطرتم فاخضبت بلادكم.

فقالوا: يا نبي الله انا رأينا عجبا، قال: وما رايتم؟

قالوا: رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء، قالت لنا: من انتم؟ ومن تريدون؟ قلنا: جئنا الى نبي الله هود ليدعو الله لنا فنمطر، فقالت: لو كان داعيا لدعا لنفسه فان زرعه قد احترق.

فقال هود: ذاك، وانا ادعو الله لها بطول البقاء.

فقالوا: كيف ذلك؟ قال: لانه ما خلق الله مؤمنا الا وله عدو يؤذيه، وهي عدوتي.

فلئن يكون عدوي فمن املكه، خير من ان يكون عدوي ممن يملكني.
 
نبوة هود (ع):
بالاسناد عن الصدوق... عن وهب قال: لما تم لهود (ع) اربعون سنة اوحى الله تعالى اليه: ان ائت قومك فادعهم الى عبادتي وتوحيدي، فان اجابوك زدتهم قوة واموالا، فبينما هم مجتمعون اذ اتاهم هودـ فقال: يا قوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره.

فقالوا: يا هود لقد كنت عندنا ثقة أمينا، قال: فاني رسول الله اليكم، دعوا عبادة الاصنام، فلما سمعوا ذلك منه بطشوا به وخنقوه وتركوه كالميت، فبقي يومه وليلته مغشيا عليه، فلما افاق قال: يا رب اني قد عملت وقد ترى ما فعل بي قومي، فجاء جبرئيل (ع) فقال: يا هود ان الله تعالى يأمرك ان لا تفتر عن دعائهم وقد وعدك ان يلقي في قلوبهم الرعب فلا يقدرون على ضربك بعدها.

فبقي هو في قومه يدعوهم الى الله وينهاهم عن عبادة الاصنام حتى تخصب بلادهم وينزل الله عليهم المطر، وهو قوله عزوجل: (ويا قومي استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزيدكم قوة الى قوتكم ولا تتولوا مجرمين)[8].
فقالوا كما حكي الله عزوجل: (يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين)[9].

فلما لم يؤمنوا ارسل الله عليهم الريح الصرصر ـ يعني الباردة ـ قال تعالى: (انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا[10] في يوم نحس مستمر)[11].

وحكى في سورة الحاقة فقال: (واما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية)[12].

عن ابي جعفر (ع) قال: الريح العقيم تخرج من تحت الارضين السبع وما خرج منها شيء قط الا على قوم عاد حين غضب الله عليهم، فأمر الخزان ان يخرجوا منها مثل سعة الخاتم، فعصت على الخزنة، فخرج منها مثل مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد.

فضج الخزنة الى الله من ذلك وقالوا: يا ربنا انها قد عصت علينا ونحن نخاف ان يهلك من لم يعصك من خلقك وعمار بلادك، فبعث الله جبرئيل فردها بجناحه وقال لها: اخرجي على ما امرت به، فرجعت وخرجت على ما امرت به فاهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم[13].
 
رياح الرحمة ورياح العذاب:
عن ابي جعفر (ع) قال: ان لله تعالى رياح رحمة ورياح عذاب، فان شاء الله ان يجعل العذاب من الرياح رحمة فعل، قال: ولن يجعل من الرحمة من الريح عذابا، قال: وذلك انه لم يرحم قوما قط اطاعوه وكانت طاعتهم اياه وبالا عليهم الا من بعد تحولهم من طاعته.

قال: وكذلك فعل بقوم يونس لما آمنوا رحمهم الله بعدما قد كان قدر عليهم العذاب وقضاه، ثم تداركهم برحمته فجعل العذاب المقدر عليهم رحمة فصرفه عنهم وقد انزله عليهم وغشيهم، وذلك لما آمنوا به وتضرعوا اليه.

قال: واما الريح العقيم فانها ريح عذاب لا تلقح شيئا من الارحام ولا شيئا من النبات، وهي ريح تخرج من تحت الارضين السبع، وما خرجت منها ريح قط الا على قوم عاد[14].

وروي عن الامام ابي جعفر (ع) انه قال: ان لله جنودا من الرياح يعذب بها من يشاء ممن عصاه، ولكل ريح منها ملك موكل بها، فاذا اراد الله ان يعذب قوما بنوع من العذاب اوحى الى الملك الموكل بذلك النوع من الريح التي يريد ان يعذبهم بها، قال: فيأمر بها الملك فتهيج كما يهيج الاسد المغضب.

قال: ولكل ريح منهن اسم، اما تسمع قوله تعالى: (كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر، انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر) وقال تعالى: (الريح العقيم)[15] وقال: (ريح فيها عذاب اليم) وقال: (واصابها اعصار فيه نار فاحترقت) وما ذكر من الرياح التي يعذب الله بها من عصاه؛ الخبر[16].

ان الله عزوجل رؤوف رحيم بعباده المخلصين، ولا يسلط عليهم العذاب الا من بعد ان يبعث لهم رسولا يدعوهم الى عبادته واطاعة اوامره والنهي عن المحرمات والسير على سراطه المستقيم، واذا عصوا الله وتمادوا وازدادوا في عصيانهم، يرسل عليهم العذاب، وقال تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)[17]، والعذاب الذي يسلطه على عباده العاصين والمذنبين يختلف حسب ما يراه سبحانه وتعالى مناسبا وصالحا لتلك الامة ولؤلئك القوم، مرة يبعث عليهم الزلزال، واخرى الفيضان، واخرى الدم والضفادع، ومرة اخرى الريح على انواعها، ومرة اخرى يسلط بعضهم على بعض، والى غير ذلك. اعاذنا الله واياكم من عذابه وغضبه ورحمنا برحمته.

وكذلك لله تعالى رياح رحمة لواقح ينشرها بين يدي رحمته، منها يهيج بها السحاب للمطر، ومنها تعصر السحاب فتمطره باذن الله، ومنها لواقح تلقح الاشجار وينمو الثمر، والى غير ذلك.
 
وفاة النبي هود (ع):
وفي النهاية لحق النبي هود (ع) ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا.

وكانت اعمار قوم هود (ع) بحدود اربعمائة سنة. وتوفي النبي هود (ع) وله من العمر مائة وخمسين سنة، وقبره بحضرموت.

اختلف في موضع قبر هود (ع) فقيل: انه بغار بحضرموت، وروي المؤرخون عن امير المؤمنين (ع) ان قبره على تل من رمل احمر بحضرموت، وقيل: انه دفن في مكة في حجر اسماعيل، وقيل: انه دفن قريبا من امير المؤمنين (ع) في الغري....
والمشهور الآن قبر النبي هود والنبي صالح (ع) في وادي السلام في النجف ويزار، ويحتمل ان يكون قد دفن في مكان آخر ثم نقل الى الغري كآدم (ع)»، والله العالم.
 
* السيد مرتضى الميلاني – بتصرف يسير


[1] الاعراف: 65.
[2] الاول كان نوح (ع).
[3] في الكامل: ابن الجلود.
[4] البحار: ج 11 ص 345.
[5] الشقوق: هو منزل بطريق مكة، وقيل كانت مساكنهم ما بين الشحر وعمان وحضرموت بالاحقاف » الكامل: ج 1 ص 79.
[6] هود: 52.
[7] الاعراف: 69.
[8] هود: 52 ـ
[9] هود: 53.
[10] الصرصر: الريح الباردة واليوم النحس، اليوم المشؤم.
[11] القمر: 19.
[12] الحاقة: 6.
[13] البحار: ج 11 ص 351.
[14] البحار: ج 11 ص 352 عن الروضة: ص 92.
[15] الريح العقيم: لا تلقح الشجر ولا تنبت النبات.
[16] نفس المصدر ص 354.
[17] الاسراء: 15.

28-12-2016 | 10-58 د | 2042 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net