الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
محاربة الإمام الحسين عليه السلام للبدع
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

في خطبة له قال عليه السلام: (أيها النـاس إن رسـول الله (ص) قال: "مـن رأى سلطاناً جائراً مسـتحلاً لحـرم الله ناكــثاً لعهد الله مخالفاً لسنـة رسـول الله (ص) يعمـل في عباد الله بالإثم والعـدوان فلـم يغيـر عليه بفعل ولا بقـول كـان حـقاً علـى الله أن يدخـله مدخـله. ألا وإن هــؤلاء قــد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهــروا الفســاد وعطلوا الحــدود واستـــأثروا بالفيء وأحلــوا حــرام الله وحـرموا حلاله وأنا أحق مَنْ غَيَّر")[1].

وفي كتابه إلى أهل البصرة يدعوهم إلى نصرته وهو في مكة المكرمة جاء فيه قوله: (وأنا أدعوكم‏ إلى‏ كتاب‏ اللّه‏ وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه [وآله‏] وسلّم فانّ السنّة قد أميتت، وانّ البدعة قد أحييت) [2].

إن من أساسات ثورة الإمام الحسين عليه السلام التي ثار من أجلها محاربة البدع التي انتشرت في عهد معاوية وبني أمية حيث غيرت الحقائق الناصعة للإسلام وأصبح غريباً بهذه البدع.

بنو أمية والإسلام المُشَوّه:
حرص الأمويون على أن يعرضوا الإسلام بصورة مشوهة ممسوخة لا روح فيه، وعرضوه على أن الدين الإسلامي لا يتنافى مع الظلم والجور والفسوق وشرب الخمور من الحاكم، ويجب على الأمة أن تسمع وتطيع له مهما فعل، ولا يحل لأحد أن يثور عليه بحجة شق الأمة وتفريق كلمتها، وكأنما قوة الأمة وتقدمها بالخضوع للظالم.

ولكن الإمام الحسين عليه السلام رفض هذه المفاهيم التي أدخلت على الإسلام وثار ثورته على البدع والأهواء وتغيير مفاهيم الدين لمحاربة كل ما يشوه الدين من بدع وخرافات.

محاربة الحسين للجهل:
جاء في زيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم الأربعين عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: (وَأَعْطَيْتَهُ مَوَارِيثَ الْأَنْبِيَاءِ، وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِكَ مِنَ الْأَوْصِيَاءِ، فَأَعْذَرَ فِي الدُّعَاءِ، وَمَنَحَ النُّصْحَ، وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الْجَهَالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلَالَةِ).

مسؤولية العالم:
روي أنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: «إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فِي أُمَّتِي، فَلْيُظْهِرِ الْعَالِمُ عِلْمَهُ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» [3].

(فليظهر العالم علمه) مع الإمكان وعدم الخوف والتقيّة لأنّ اللّه تعالى شرّفه بفضيلة العلم وكرّمه بشرف الرّئاسة وجعله ناصرا لدينه وحاكما على عباده فوجب عليه أن يحفظ قوانين الدّين من الزّيادة والنقصان وأن ينظر إلى أحوال المكلّفين ويحملهم على الاعتدال أن تجاوزوا عن حدّه، وحاله كحال الطبيب المشفق في حفظ صحّة الأبدان ودفع الأمراض الموجبة لزوالها وفساد مزاج الأعضاء.

(فمن لم يفعل فعليه لعنة اللّه) اللّعن الطرد والإبعاد من الخير واللّعنة اسم منه وفيه تحذير عظيم للعالم المعرض عن إجراء حكم اللّه تعالى وإصلاح حال الخلق بقدر الإمكان فكيف إذا أعرض عن إصلاح حال نفسه ولا يبعد إدراج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقا فيه.[4].

خطر من يروج لأهل البدع:
وروي أنه قَالَ‏[5]: «مَنْ أَتى‏ ذَا بِدْعَةٍ فَعَظَّمَهُ، فَإِنَّمَا يَسْعى‏[6] فِي هَدْمِ الْإِسْلَامِ»[7].

(من أتى ذا بدعة) الظاهر أنّ القائل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله‏ (فعظّمه) بسبب بدعته أو غيرها من غير خوف وتقيّة (فانّما يسعى في هدم الاسلام) لأنّ صاحب البدعة في العقائد والأعمال مشغول بهدم بناء الإسلام فمن أتاه وعظّمه فقد أحبّه ونصره وأعانه على عمله فهو أيضا يسعى في هدمه ويشركه فيه ولهذه العلّة قال اللّه تعالى: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) وفيه استعارة مكنيّة وتخييليّة.[8].

تغلغل البدعة في قلب صاحبها:
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: «أَبَى اللَّهُ لِصَاحِبِ الْبِدْعَةِ بِالتَّوْبَةِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ ذلِكَ‏[9]؟ قَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أُشْرِبَ قَلْبُهُ حُبَّهَا[10]»[11].

(أبى اللّه لصاحب البدعة بالتوبة) أي امتنع أن يأتي بالتوبة ولا يوفّقه للندامة والرّجوع عن بدعته‏ (قيل: يا رسول اللّه: كيف ذلك) مع أنّ باب التوبة واسع مفتوح‏.

(قال: إنّه قد اشرب قلبه حبّها)[12] ضمير إنّه إمّا للشأن أو لصاحب البدعة، واشرب على البناء للمفعول وقلبه قائم مقام الفاعل، وحبّها بالنصب على المفعول يقال: اشرب الثوب صبغا إذا شربه قليلا قليلا حتّى خالطه ودخل في أعماقه جميعا واستقرّ فيها كما يدخل الشراب أعماق البدن، ومنه قوله تعالى: (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) أي حبّ العجل وعبادته فحذف المضاف واقيم المضاف إليه مقامه والمقصود أنّه لمّا دخل حبّ البدعة في أعماق قلبه وتداخل شراب محبّتها في جميع أجزائه صار قلبه مريضا بأمراض مهلكة بل ميتا لا يدرك قبح عمله وفساده فلا يندم عنه أبدا فلا رجاء لحياته بروح التوبة والندامة ولذلك لا يرجع إلى الحقّ من أصحاب الملل الفاسدة والجهل المركّب إلّا قليل ممن أخذ بيده التوفيق وهداه إلى سواء الطريق، وأمّا من كان قلبه صحيحا في باب العقائد ووقع في معصية في باب الأعمال والأفعال لطغيان النفس والقوّة الشهويّة والغضبيّة مع العلم والاعتقاد بأنّها معصية فكثيرا ما يستولى عليه سلطان القلب الصحيح ويزجره عن القبائح فيتوب إلى اللّه‏ تعالى ويرجع عن الأعمال القبيحة. [13].

* آية الله الشيخ حسين الراضي - بتصرف


[1] تاريخ الطبري ج4 ص304 طبع الأعلمي بيروت ، تحف العقول ص505 ، وبحار الأنوار ج44 ص382، والعوالم (الإمام الحسين) ص232 واللفظ للأول.
[2] وقعة الطف أبي نخنف؛ ص107 ، تاريخ الطبري ج 3 ص 280 طبع الأعلمي بيروت .
[3] الكافي (ط - دارالحديث)، ج‏1، ص: 135 رقم 162 باب 19- بَابُ الْبِدَعِ‏ وَالرَّأْيِ وَالْمَقَايِيسِ. المحاسن، ص 231، كتاب مصابيح الظلم، ح 176، بسنده عن محمّد بن جمهور العمّي. راجع: علل الشرائع، ص 235، ح 1؛ وعيون الأخبار، ج 1، ص 112، ح 2؛ الغيبة للطوسي، ص 64، ذيل ح 66 الوافي، ج 1، ص 244، ح 179؛ الوسائل، ج 16، ص 269، ح 21538.
[4] شرح الكافي - الأصول والروضة (للمولى صالح المازندراني) ؛ ج‏2 ؛ ص285
[5] في شرح المازندراني: «الظاهر أنّ القائل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله».
[6] في المحاسن: «سعى».
[7] الكافي (ط - دارالحديث)، ج‏1، ص: 136 رقم 163 باب 19- بَابُ الْبِدَعِ‏ وَالرَّأْيِ وَالْمَقَايِيسِ. المحاسن، ص 208، من كتاب مصابيح الظلم، ح 72، بسنده عن محمّد بن جمهور العمّي. وفي المحاسن، ح 73؛ وثواب الأعمال، ص 307، ح 6، بسند آخر. الفقيه، ج 3، ص 572، ح 4957، مرسلًا، وفي الثلاثة الأخيرة عن علي عليه السلام مع اختلاف يسير الوافي، ج 1، ص 244، ح 180؛ الوسائل، ج 16، ص 267، ح 21532.
[8] شرح الكافي - الأصول والروضة (للمولى صالح المازندراني) ؛ ج‏2 ؛ ص285
[9] في «بس» والمحاسن وعلل الشرائع: «ذاك».
[10] اشرب قلبه حبّها»، أي خالطه، مجهول من الإشراب، وهو خلط لون بلون كأنّ أحدهما سقى الآخر، ف «قلبه» فاعل، أو منصوب بنزع الخافض، أي في قلبه، و «حبّها» مفعول. انظر: لسان العرب، ج 1، ص 491- 492 (شرب).
[11] الكافي (ط - دارالحديث)، ج‏1، ص: 136 رقم 164 باب 19- بَابُ الْبِدَعِ‏ وَالرَّأْيِ وَالْمَقَايِيسِ. علل الشرائع، ص 492، ح 1، بسنده عن الحسين بن محمّد. وفي المحاسن، ص 207، كتاب مصابيح الظلم، ح 69؛ وثواب الأعمال، ص 307، ح 5، بسندهما عن محمّد بن جمهور العمّي الوافي، ج 1، ص 245، ح 183.
[12] ظاهر كلام الشارح ان هذا لا يتوب لا انه يتوب ولا يقبل توبته وان أظهر كلاما يدل على رجوعه الى اللّه والتوبة من عمله فهو كلام يلهج به من غير قصد معناه ولا يعبأ به والعمدة قصد التوبة دون النطق باللفظ والتوبة تطهير القلب عن دنس السيئات ولا يحصل باللفظ مع ممازجة حب البدعة قلبه (ش)
[13] شرح الكافي - الأصول والروضة (للمولى صالح المازندراني)، ج‏2، ص: 287

06-05-2016 | 11-42 د | 1502 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net