الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
العائلة ووظائف مبلغي الدين 1
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

أهمية عائلة المبلغ
من جملة المسائل الهامة التي يواجهها المبلغون في المناطق التي يقصدونها بهدف التبليغ حيث قليلاً ما يتحدثون بها، مسألة العائلة والأبناء في العائلة؛ فالمبلغون الذين يصطحبون عائلاتهم إلى المناطق التي يذهبون إليها، تقع على عاتقهم مسؤولية أكبر في موضوع التبليغ، لذلك يكون التأثير ليس محصوراً بالمبلغ بل يتعداه إلى سلوك عائلته. وفي الأساس فإن من أبرز الوظائف الملقاة على عاتق مبلغي الدين الانتباه إلى النتائج الإيجابية والسلبية لسلوك عائلاتهم في المجتمع.

على المبلغ أن يهتم بمسألة كيفية تعاطيه مع زوجته وأبنائه وكيفية تعاطي الزوجة والأولاد مع سائر الناس، وأن يلتفت إلى الحجاب وإلى علاقاتهم وذهابهم وإيابهم حيث ينظر الناس إليه بحساسية كاملة. يتحدث القرآن الكريم حول زوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث ينبغي تعميم ذلك على كافة القادة الدينيين والمبلغين وأزواجهم وأبنائهم. وأشارت الآيات الشريفة إلى الوظيفة الخطيرة الملقاة على عاتق الزوجات: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا1.

من هذا المنطلق فالمبلغون يحملون وظائف وتكاليف أكبر من كافة الناس فيما يتعلق بعائلاتهم، وكذلك ينبغي على الزوجات والأبناء بذل المزيد من الدقة في التعاطي مع الآخرين.

فيما يلي نتعرض للحديث حول بعض وظائف المبلغين ـ الذين يحملون لواء تحقق القيم الإلهية في المجتمع ـ فيما يتعلق بعائلاتهم؛ لأن الذين يتلون آيات الله على الناس هم أولى الناس بالالتزام بها وحتى لا يشملهم الكلام الإلهي: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ2.

الحفاظ على حريم العائلة
من أبرز صفات وخصال العلماء الصالحين والمبلغين المسلمين، الغيرة والحساسية فيما يتعلق بالقيم الإلهية. وللغيرة مراتب من أبرزها: الغيرة في الدين، الغيرة في الأموال، الغيرة في تربية الأبناء تربية صحيحة والأهم من ذلك كله الغيرة في الناموس والعائلة.

والحساسية اتجاه الآفات التي تصيب مقام العائلة الرفيع والدفاع عنها من سيرة الصالحين في العالم. يتحدث الإمام الصادق عليه السلام ويشير إلى ثلاث خصال للرجل في الإدارة الصحيحة للعائلة: "معاشرة جميلة وسعة بتقدير وغيرة بتحصن"3.

من اللائق بمبلغي الدين الذين يقتدون بالعلماء الربانيين وبعمل أنبياء الله الرفيع، أن يجعلوا من عائلاتهم قدوة للغير أيضاً. وعلى زوجة وابنة وابن عالم الدين، الالتزام والتحلي بآداب خاصة، فلا يمكنهم ارتداء أي لباس ولا أي حجاب؛ لأن الناس ينظرون إلى عائلة عالم الدين بنظرة الإسلام وباعتبارهم يجسدون القيم الإلهية ويكون عملهم بمثابة مجوز شرعي لتصرف الناس. تحدث الإمام الصادق مشيراً إلى بعض صفات أنبياء الله: "... محافظته على أوقات الصلاة والغيرة والسخاء والشجاعة وكثرة الطروقة"4.

ويذكرنا هذا بالوصية التربوية للإمام الباقر عليه السلام حيث يقول: "ما أحب أن لي الدنيا وما فيها وأني بت ليلة وليست لي زوجة"5.
من هنا ينبغي على أتباع الدين بذل الجهود في الاهتمام بالدين والالتفات إلى ثقافتهم وناموسهم وكلما شاهدوا أن تصرفات عائلاتهم تكون مضرة للدين، وجب عليهم الحؤول دون وقوع ذلك.

والغيرة من الخصال الإلهية البارزة، يقول الإمام السادس عليه السلام مشيراً إلى هذه الخصلة: "إن الله غيور ويحب كل غيور ومن غيرته حرّم الفواحش ظاهرها وباطنها"6.

وتعود جذور الغيرة والحمية الدينية إلى الشجاعة وقوة النفس والإيمان. عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: "أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأسارى فأمر بقتلهم وخلى رجلاً من بينهم فقال الرجل: كيف أطلقت عني؟ فقال: أخبرني جبرئيل عن الله أن فيك خمس خصال يحبها الله ورسوله: الغيرة الشديدة على حرمك، والسخاء، وحسن الخلق، وصدق اللسان، والشجاعة. فلما سمعها الرجل أسلم وحسن إسلامه وقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى استشهد"7.
ويجب الإشارة إلى أن توصية الإنسان بالغيرة والحمية، لا تعني التضييق في الحياة على زوجته وأبنائه وإذاقتهم مرارة العيش. كتب الإمام علي عليه السلام إلى ابنه الحسن المجتبى عليه السلام يبين له أضرار الإفراط في حفظ الناموس، يقول: "إياك والتغاير في غير موضع غيرة فإن ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم والبريئة إلى الرَّيب".8

ما يتوقع هو أن تبادر زوجة المبلغ وأبناؤه إلى بذل الجهود للحفاظ على العفة والعصمة والحجاب والتبليغ للدين بتصرفاتهم وسلوكياتهم المطابقة للقيم الإلهية، وأن يكون المبلغون من المتقدمين في الحفاظ على عائلاتهم وعائلات الآخرين فيكونون بذلك أسوة للآخرين بالأخص الشباب ومن يتعاملون معه من الناس.

العمل لأجل تربية الأبناء تربية معنوية
من النقاط الهامة الأخرى التي يجب الإشارة إلهيا فيما يتعلق بعائلات مبلغي الدين، التربية الصحيحة لأبنائهم؛ لأن الناس تتوقع مشاهدة أقواله في حياته العملية والناس تتوقع أن تشاهد عالم الدين الذي يذكر عشرات الأحاديث والآيات حول الحياة الصحيحة والتربية السليمة طبق الأساليب السماوية، كيف يربى أبناءه بشكل عملي.

من الأمور التي يهتم الناس بمشاهدتها في أبناء العلماء: نوع اللباس الظاهري للشاب والفتاة، الاسم، قَصَّة الشعر، كيفية التحدث، رعاية الحجاب والحياء والعفة في القول والعمل، مدى الاهتمام بالمسائل الدينية والعقائدية والنظافة.

يعتبر الناس أن جزءً من موفقية المبلغ تعود إلى المحيطين به، لأنهم لو شاهدوا المحيطين بالمبلغ غير مهتمين فسيقولون لأنفسهم: لو كان مؤمناً بأقواله، لما كان سلوكه مخالفاً له. يقول الشاعر العربي:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

يتحدث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل9 شارحاً بعض وظائف الوالدين ومن أبرزها: اختيار الاسم الحسن، الاهتمام بسلامة الأبناء والمسائل الصحية، الاهتمام بحاجاتهم على مستوى الترويح عن النفس والرياضة، تعليمهم القرآن، أبعادهم عن المعاصي ومساعدتهم في أمر الزواج.
ينبغي على المبلغين الملتزمين تربية عائلاتهم بشكل يمكنهم من الاستفادة منها في سبيل سموِّ الاعتقادات الصحيحة؛ كما فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في قضية المباهلة، والإمام علي عليه السلام في قضية اغتصاب الخلافة والإمامة، وسيد الشهداء في ملحمة كربلاء، حيث استفادوا من وجود عائلاتهم لما فيه مصحلة الإسلام وارتقاء القيم المعنوية المتعالية.

القادة الدينين وتربية الأبناء
فيما يلي ننقل نموذجاً من تربية الأبناء كما هو سيرة العلماء الصالحين:

استعمل العلامة الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء، وهو من علماء الشيعة الكبار، أساليب مؤثرة في مجال تربية الأبناء. عندما أراد تشجيع ابنه الكبير على الاستيقاظ باكراً لصلاة الصبح؛ تعامل معه بأسلوب جعل الابن يعشق النهوض للصلاة حتى نهاية حياته.
جاء في أحد الأيام قبل آذان الصبح يوقظ ابنه من النوم وقال له: استيقظ يا بني، لنترافق إلى زيارة مرقد مولى المتقين علي عليه السلام. أجابه ابنه: اذهب أنت وسألحقك. قال له: لن أذهب بل سأنتظرك لنذهب سوياً. نهض الابن وتوضأ وذهبا إلى المقام.

وصلا إلى باب المقام فوجدا فقيراً قد مدَّ يده للناس، فسأل الوالد الولد: يا بني! لماذا جلس هذا الرجل هنا؟ قال: للإستعطاء وطلب المساعدة من الناس. قال له: هل تعرف كم يتمكن من الحصول على المال؟ قال: لعله يتمكن من جمع شيء من المال. ثم سأله: هل هو متأكد أنه سيجمع هذا المال؟ قال: لا يمكن القول بشكل قاطع ومسلم أنه سيجمع المبلغ، فقد يحصل على شيء وقد يعود خالي اليدين. ثم سأل الوالد: يا بني، انظر إلى هذا الرجل الذي نهض في هذا الوقت من الليل مع أنه ليس متأكداً من أنه سيحصل على شيء. وأما إذا كنت على يقين بالثواب الذي وضعه الله تعالى للذين يستيقظون لصلاة الصبح، وصدقت أقوال الأئمة الأطهار عليهم السلام فلماذا تتقاعس عن ذلك؟!10.
عبد الكريم التبريزي


1- الأحزاب: 30 ـ 23.
2- البقرة: 44.
3- تحف العقول، ص322.
4- من لا يحضره الفقيه، ج1، ص482.
5- وسائل الشيعة، ج2، ص19.
6- المصدر نفسه، ج20، ص153.
7- المصدر نفسه، ص155.
8- نهج البلاغة، الرسالة 31.
9- وسائل الشيعة، ج21، ص480.
10- الحقوق المقابلة بين الوالدين والأبناء، ص99.

12-04-2013 | 09-10 د | 1587 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net