الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
أسباب إنحراف القدوات
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تصدير الموضوع: قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ1.

الهدف: التنبيه إلى أهم الأسباب التي تصيب أبرز الشخصيات وتحرفهم عن مواقعهم القيادية في قلوب الناس.

المقدمة
كثيراً ما نقرأ في تاريخنا وحاضرنا الإسلامي عن أشخاصٍ بلغوا مراتب عالية من العلم والعمل والجهاد والتضحية وكانوا قدوةً وأسوةً لغيرهم من العباد الذين يتأسون بأعمالهم ويستشهدون بأقوالهم ويتبعون سيرتهم كبعض المؤمنين والآباء والأمهات والمعلمين والمؤلفين، ومنهم من اتسعت رقعة محبيه وذاع صيته في أرجاء المعمورة وكثر مريدوه وأتباعه، وفي نفس الوقت نجد أن بعض هؤلاء قد أصيب بسوء العاقبة فتردّى عن عليائه وساءت سيرته وأخلاقه وأصبح من أتباع الدنيا وطالبيها بعد أن كان قدوةً لأتباع الآخرة ومريديها مما انعكس سلباً ليس على شخصه فحسب بل على الكثيرين ممن منحوه ثقتهم وأوقاتهم وتتلمذوا على يديه، لذلك كان من الضروري التنبيه على هذه المشكلة والإضاءة على أهم الأسباب التي تؤدي إلى إنحراف القدوات عن مسارهم.

أسباب انحراف القدوات
الإتكال على الشهرة: قال تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ2. فقد يصل الإنسان إلى مقام رفيع يحسده عليه القاصي والداني، بل وقد يصل إلى هذا المقام بعد مسيرةٍ جهادية طويلة فيركن إلى هذا المقام ويستأنس به إلا أنه يغفل في الوقت نفسه أن الإنسان كلما أرتقى مقامه كلما وجب عليه مجاهدة نفسه أكثر, وان المناصب العليا تحتاج إلى مجاهدة أكبر, وأن الإيمان يحتاج إلى تجديدٍ مستمر وتنقيته من شوائب ما قد يعلق به بصورةٍ دائمة، وأن ترك النفس على هواها وعدم التشدد في مراقبتها يوقع الإنسان من عليائه مهما علا شأنه وذاع صيته، وأن سيرة الأنبياء والأولياء أكبر شاهدٍ على ذلك.

الخلود للراحة والإغترار بالماضي: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ3.

فهذا الشعور بالتثاقل يتسلل إلى قلب الإنسان عندما يُشعر نفسه بحاجته للراحة وأنه قد أدّى قسطه من العمل والجهاد وأنجز ما أنجز من الأمور التي يجعلها نصب عينيه ويعكف على الحديث عنها وهو يريد أن يبرز فضائله من خلالها ويغفل أن مسيرة الجهاد مسيرة لا تتوقف، ولا حدّ لعطاء الإنسان فيها، بل وعليه دائماً أن ينظر إلى المساحة التي ما زالت بحاجة للجد والعمل ويرسم لها أهدافاً كبيرة ويسعى جاهداً لتحقيقها دون كللٍ أو تثاقل.

الركون إلى الدنيا: قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ4. فلا مقارنة بين عطاء الله وثوابه وما أعدّه لعباده وبين حطام دنيا زائفة زائلة، ولذلك أشار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى خوفه من افتتان الناس بمفاتن الدنيا بعد ظهور الإسلام وما قد يفتح للناس من ألوان المال والمنصب والشهرة والسمعة بقوله: إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها5.

ومن أسوأ ما قد يصيب المرء إعجابه بحياة الظالمين وجمال سلطانهم فيسعى للتشبه بهم والتحلل من أتباعه وأعوانه وطريقة حياتهم، فيكون ظالماً لنفسه ومفسداً لآخرته. قال تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ6.

ولوج الشبهات: قال تعالى: ﴿كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا7.

فالذي يكون في مواقع السلطة والقدوة تفتح له العديد من الأبواب على خيرها وشرها وشبهاتها، ولا القدوة ألا يتهور بولوج الشبهات وإقحام نفسه فيما لا يأمن منه على سلامة دينه من الأمور التي قد تقوده شيئاً فشيئاً إلى الحرام معزّياً نفسه بأنه ممن لا يسقط في الشبهات وأنه فوقها بكثير فيرتمي في أحضانها ويأنس بلذائذها الزائفة وتكون سبيله شيئاً فشيئاً إلى الحرام.

الخوف من الإستهداف: فالأعداء يتربصون المكائد ويسعون جاهدين للإيقاع بأي شخصيةٍ رسالية قيادية، والتاريخ الماضي والحاضر أدلّ دليل على ذلك، والقدوة ينبغي أن يكون على استعداد تام لنيل كرامة الشهادة ولقاء الله، وأن الخوف أو الجبن من شأنه أن يوقع صاحبه في التراخي وإظهار المرونة للأعداء، بل قد يوقعه في شباكهم فيخسر دنياه وآخرته.

إغراءات الأعداء: قال تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً8. وفي سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكبر شاهد على مكر قريش ومحاولتها إحتواء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعوته من خلال ما عرضوه عليه من ألوان الملك والشرف والمال والسيادة، والنساء وسوى ذلك، وكلّ ذلك لإسقاط أهدافه وحرفه عن مساره الرباني.

هذه أبرز ما يسبب إنحراف بعض القدوات عن مواقعهم بالإضافة إلى أمور كثيرة أخرى لا يسع المقام لذكرها كقلة النصيحة له وعدم التواصي بالحق والصبر واستهانته ببعض المنكرات او انحراف بعض الأتباع والأنصار ممن هم حوله وانشغالهم بالدنيا وإعجابه بنفسه وفقدان الروحية الرسالية وابتلاءه برذائل الأخلاق وحب الظهور حتى ولو من خلال المخالفة والمعاندة على الخطأ، وغير ذلك من الأمور التي ينبغي أن يُبقيها القدوة نصب عينيه حتى لا ينحرف عن جادة الهدى فيتسبب بضياعه وضياع الكثيرين معه.


1- الأحقاف: 13
2- الزمر: 2-3
3- التوبة 38
4- النمل: 36
5- صحيح ابن حيان، ج8، ص 22.
6- هود:113
7- المؤمنون: 51
8- الاسراء: 73

02-08-2012 | 03-53 د | 2800 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net